قال سيبويه
رحمه الله وابن السيد البطليوسي (?) في شرح الجمل: إذا قلت لا رجل في الدار بالرفع لا تعم بل هو نفي للرجل بوصف الوحدة، فتقول العرب لا رجل في الدار بل اثنان، فهذه نكرة في سياق النفي وهي لا تعم إجماعاً، وكذلك سلب الحكم على العموم حيث وقع، كقولك ما كلّ عدد زوج؛ فإن هذا ليس حكماً بالسلب على كلّ فرد من أفراد العدد، وإلا لم يكن فيه زوج وذلك باطل، بل مقصودك إبطال قول من قال كلّ عدد زوج، فقلت له أنت ليس كلّ عدد زوجاً، أي ليست الكليّة صادقة بل بعضها ليس كذلك، فهو سلب الحكم على العموم لا حكم بالسلب على العموم، فتأمل الفرق بينهما. فهذان نوعان من النكرة في سياق النفي ليسا للعموم.
ونص الجرجاني في أول شرح الإيضاح على أن الحرف قد يكون زائداً من حيث العمل دون المعنى، كقولك ما جاءني من رجل، فإن (من) هنا تفيد العموم، ولو قلت ما جاءني رجل لم يحصل العموم وهذه نكرة في سياق النفي، وكذلك قال الزمخشري وغيره في قوله تعالى: «ما لكم من إله غيره» (?) لو قال ما لكم إله غيره بحذف (من) لم يحصل العموم، وكذلك قوله تعالى: «ما يأتيهم من آية من آيات ربهم» (?) ، ولو قال ما يأتيهم آية بحذف (من) لم يحصل العموم، وهذا يقتضي أن هذه الصيغ الخاصة كلها إذا كانت في سياق النفي لا تفيد العموم؛ وإنما تفيده النكرات العامة، نحو أحد وشيء؛ فإذا قلت ما جاءني أحد حصل العموم، وكذلك نقله النحاة، وإذا قلت ما جاءني من أحد كانت (من) مؤكدة للعموم لا منشئة له. هذا نقل النحاة والمفسرين.
ونقل صاحب إصلاح المنطق وغيره أن اللفظ الذي يستعمل في النفي فقط وهو الذي في قولنا ما بها أحد ولا وابر، ولا صافر، ولا عريب، ولا كتيع،