أماماً ويميناً ويساراً دون الصعود في الهواء. وصحة شرعية وهو الإذن الشرعي في جواز الإقدام على الفعل، وهو يشمل الأحكام الشرعية إلاّ التحريم، فلا إذن فيه، والأربعة الباقية فيها الإذن.

إذا تقررت هذه القاعدة فالنزاع مع الحنفية إنّما هو في الصحة الشرعية، وهو الإذن في جواز الإقدام، واستدلُّوا بحديث الأعمى والمقعد، وذلك إنّما يوجب اشتراك الصحة العادية وهي مجمع عليها، اتفق الناس على أنه ليس في الشريعة منهي عنه، ولا مأمور به، ولا مشروع على الإطلاق إلاّ وفيه الصحة العادية، وكذلك حصل الاتفاق أيضاً على أن اللغة لم يقع فيها طلب وجود ولا عدم إلاّ فيما يصح عادة، وإن جوزنا تكليف ما لا يطلق فذلك بحسب ما يجوز على الله تعالى لا بحسب ما يجوز في اللغة، فاللغات موضع إجماع؛ فعلى هذا دليلهم لا يمس صورة النزاع.

قال الإمام فخر الدين - رحمه الله: سلمنا أن دليلكم يدل على الصحة الشرعية لكن تلك الصحة متقدمة على النهي لا متأخرة عنه. وتقرير ذلك أن الموكل إذا عزل وكيله بقوله لا تبع هذه السلعة التي وكلتك على بيعها، فيكون هذا النهي عزلاً له ونسخاً لتلك الصحة السابقة، وكذلك الخلائق وكلاء الله في أرضه، لقوله تعالى: «ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون» (?) ، وقوله تعالى: «وأنفقوا مِمّا جعلكم مستخلفين فيه» (?) ، وإذا ورد النهي بعد ذلك عليهم كان ناسخاً لتلك الصحة السابقة، وأنتم تطلقون على أنه يدل على صحة لاحقة حتى تثبتون الملك في عقود الربا بناءً على النهي.

تنبيه: قال مالك الشافعي وابن حنبل: «إن النهي يدل على الفساد» ، وقال أبو حنيفة: «ويدل على الصحة» فالكل طردوا أصولهم إلاّ مالكاً. فقال أبو حنيفة: «يجوز التصرف في المبيع بيعاً فاسداً ابتداءً وهذا هو الصحة» . وقال الشافعي ومن وافقه: «إن الملك لا يثبت أصلاً ولو تداولته الأملاك وهذا هو الفساد» . وقال مالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015