واحد، لأن الجمع بين المثلين محال، بل يقول: إن الثابت في كل زمان إنما هو ترك واحد، وهذا هو مذهب القائل بعدم التكرار على تفسير الشيخ؛ فإن المطلق إذا عممناه في الأزمان لا بد أن يحصل في كل زمن من فرد غير الفرد الحاصل في الزمن الآخر، فهي أمثال تتوالى، فلا يبقى إلا مذهب واحد، فلا يتحقق المذهبان.

وثانيهما: أن القائلين بعدم التكرار قالوا في حجتهم إنه ورد للتكرار كالسرقة والزنا ونحوهما، وورد أيضاً لعدم التكرار كقول الطبيب للمريض لا تأكل اللحم ولا تقصد، أي في هذا الزمان، والمجاز والاشتراك خلاف الأصل، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بين القسمين وهو مطلق الترك، وهذا يدل منهم على أنهم لا يستوعبون الأزمنة بمطلق الترك، لأن المشترك بين بعض الأزمنة المعينة والتكرار يجب أن يكون مساوياً لأحد القسمين، وهو ذلك البعض المعين، فتفسير الشيخ - رحمه الله تعالى - لا ينطبق على مذهبهم بمقتضى حجتهم وظواهر ألفاظهم.

والذي أراه في دفع هذا الإشكال العظيم أن نقول مطلق الترك مشترك بين جميع الأقسام ولنا أخص منه، وهو مشترك أيضاً، وهو مطلق الترك بقيد كونه لا يقع إلاّ في أحد هذين النوعين، فكونه بقيد لا يتعدى النوعين، وهو إما التكرار أو الزمن المعين، كما في مثال الطبيب، فوجب كون هذا المشترك أخص من مطلق الترك. والقاعدة: أن كلّ مشترك ليس له إلاّ نوعان، إذا فقد أحدهما تعين الآخر، كالعدد ليس له إلاّ الزوج والفرد، فإذا تعذر

الزوج تعين الفرد، أو الفرد تعين الزوج، كذلك هنا إذا فرعنا على عدم إفادته التكرار يكون موضوعاً لهذا المشترك الخاص بهذين النوعين، لا أنه موضوع لمطلق الترك، وحينئذ تصح جميع هذه المباحث، ويذهب الإشكال بأن نقول إن وجد دليل يدل على وقت معين كان التكليف خاصة به، ومتى خالف فيه عصى، ومتى لم يوجد ذلك تعين النوع الآخر بدليل بعينه، وحينئذ يتعين استغراق الأزمنة، فيعصى بملابسة المنهي عنه في أي زمان كان، وإذا عرى عن دليل على هذا وعلى النوع الآخر كان محتاجاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015