كان ذلك سبباً في تيسير إسلامه استنباطاً من قوله عليه الصلاة والسلام «إن المؤمن ليختم له بالكفر بسبب كثرة ذنوبه» فيناسب أن يختم للكافر بالإيمان بسبب كثرة إحسانه وحسناته، وإن أجمعنا على أنه لا يثاب عليها في الآخرة إلا أنه ورد الحديث الصحيح، أنه يطعم بها في الدنيا، ولم يرد دليل على أنها لا تكون سبباً لتيسير الإسلام فبقي استنباطه لا مانع منه. وثانيها: الترغيب في الإسلام، فإنه إذا كان كثير القتل والفتك والفساد وقيل إن الإسلام من شرفه أن يهدم جميع آثام هذه الأفعال كان ذلك أوقع في نفسه، من قولنا إن الإسلام لا ينهض إلا بالكفر وحده. ثالثها: تخفيف العذاب في الدار الآخرة؛ فإن الدليل ما دل إلا على تخليد الكافر في العذاب وأما مقداره في الكمية فالتفاوت واقع فيه قطعاً، لذلك قال تعالى «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار» (?) واليهود أسفل من النصارى كما جاء في الحديث الصحيح من ترتيب طبقات النار - أجارنا الله منها - فإذا قلنا هو مخاطب وفعل ذلك كان سبباً لتخفيف العذاب عنه مع الخلود، فهذه فوائد تظهر من ثمرة الخلاف في كونهم مخاطبين.

فائدة: القاضي عبد الوهاب في الملخص الخلاف في هذه المسألة في فصلين: أحدهما أن العموم هل هو صالح لتناول الكافر كتناوله للمسلم؟ خلاف كما جرى في صلاحية العموم للعبد، الفصل الثاني: أنهم هل يتناولهم التكليف بالفروع أم لا؟ فقال: منهم من فرق بين المرتد فيخاطب، وبين غير المرتد فلا يخاطب، فيتحصل من نقله ونقل الإمام فخر الدين في المسألة أربعة أقوال. ثالثها: الفرق بين النواهي وغيرها، ورابعها الفرق بين المرتد وغيره، ومر بي في بعض الكتب - لست أذكره الآن - أن لكفار وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة، فالجهاد خاص بالمؤمنين، لم يخاطب الله تعالى بوجوب الجهاد كافراً، وهو

متجه أن يكون وجوب الجهاد مستثنى من الفروع لعدم حصول مصلحته من الكفار، أو يقال إن الله تعالى حيث ذكر الجهاد لم يذكر صيغة يندرج فيها الكفار، بل «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين» (?) ويا أيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015