علم من الشريعة أن كل من أمره رسول الله b أن يأمر فإنما غيره هو على سبيل التبليغ ومتى كان على سبيل التبليغ صار الثالث مأموراً إجماعاً.

وليس من شرطه تحقق العقاب على تركه عند القاضي أبي بكر والإمام خلافاً للغزالي لقوله تعالى «ويعفو عن كثير (?) » .

هذه المسألة نقلتها هنا واختصرتها كما وقعت في المحصول، وليست المسألة على هذه الصورة في أصول الفقه، ولا قال القاضي هذه العبارة. ولا الغزالي أيضاً، بل المنقول في كتاب القاضي أنه قال إذا أوجب الله تعالى علينا شيئاً وجب، ولا يشترط في تحقق الوجوب استحقاق العقاب على الترك، بل يكتفى في الوجوب الطلب الجازم وقال غيره الوجوب والندب اشتركا في رجحان الفعل ولم يميز الوجوب إلا باستحقاق الذم أو العقاب، فإذا أسقطناه عن الاعتبار لم يبق فرق البتة، والحق ما قاله القاضي، فإنا إذا دعونا وقلنا الله توفنا مسلمين، فإنا نجد أنفسنا جازمة بهذا الطلب من غير رخصة في تركه، وإذا قلنا الله أعطني عشرة آلاف دينار فإني أجد رخصة في أنها لو كانت خمسة لم أتألم لذلك، فالطلب هنا غير جازم بخلاف الأول فقد تصورنا الطلب منا، في حق الله تعالى جازماً وغير جازم، مع استحالة الذم ونحوه، فإذا تصورنا الطلب الجازم بدون استحقاق الذم صح ما قاله القاضي، والغزالي لم يخالف في لزوم العقاب، بل الغزالي وكل منتمٍ إلى شريعة الإسلام يقول بجواز العفو ولو بعد التوبة، أما عدم الغفران مطلقاً فلم يقل به أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015