تحصيل الحاصل، فيتعين أن يكون متعلقاً بما قبله زمان الوجود، وهو زمان العدم.
ونحن نقول لهم تعلقه بإيقاع الفعل حالة العدم يلزم منه اجتماع النقيضين، وأما قولكم يلزم من تعلقه بحالة الملابسة تحصيل الحاصل، فليس كذلك، لأن تحصيل الحاصل يشترط فيه تعدد الزمان بأن يكون الوجود حاصل في زمان، وقيل له بعد ذلك، افعل ذلك الذي وقع في الزمان الأول بعينه، فهذا تحصيل الحاصل، أما مع اتحاد الزمان فلا؛ لأن كل مؤثر، إنما يؤثر في فعله حالة حدوثه، ولا يمكن أن يكتب أحد (?) كتاباً إلا في الزمن الذي يكتبه فيه، ولا يبنى داراً إلا في الزمن الذي يقع البناء فيه، فمن الحدوث هو زمن التأثيرات، فلو منع التأثير لم يبق تأثير؛ فمثار الغلط حينئذ هو الغفلة عن شرط تحصيل الحاصل وهو تعدد الزمان أما مع اتحاده فلا، فهذا مأخذ البحث في هذه المسالة بين الفريقين.
ويتفرع عليه أن عند المعتزلة ينقطع تعلق الأمر بالدخول في الملابسة لانتفاء العدم الذي هو زمن التعلق، وعندنا يبقى التعلق حتى تفرغ الملابسة، فبالفراغ من الملابسة ينقطع التعلق إجماعاً، وفي زمن الملابسة قولان؛ عندنا المتعلق موجود، وعند المعتزلة لا، وقبل الملابسة قولان: التعلق حاصل عند المعتزلة وعندنا لا.
وأما كون المتقدم قبل ذلك إعلاماً أو أمراً فلم يقل الإمام فخر الدين إلا أنه إعلام معناه بأنه مأمور حالة الملابسة، وهو أمر بما في زمن الملابسة. وقال القاضي عبد الوهاب في الملخص: اختلف الناس هل هو أمر على الحقيقة أم إعلام، فقال كثير: إن الأمر في الحقيقة إنما هو المقارن، أما المتقدم بإعلام، وقال الباقون: هو أمر، واختلف المعتزلة في مقدار ما يتقدم عليه من الأوقات بعد اتفاقهم مع أصحابنا على تقدمه بوقت يحصل به للمأمور السماع والفهم، فمنهم من قال لا يجوز تقدم الأمر على المأمور بأزمنة كثيرة. بل بوقت واحد إلا لمصلحة، والذي اختاره القاضي أبو بكر - رحمه اله - أنه يجب تقدمه بوقتين: وقت السماع، ووقت الفهم. والعلم