الفصل الرابع جواز تكليف ما لا يطاق

الأمر بالمركب أمر بأجزائه

الأمر بالفعل في وقت معين

يجوز تكليف ما لا يطاق خلافاً للمعتزلة والغزالي، وإن كان لم يقع في الشرع خلافاً للإمام فخر الدين، لنا قوله تعالى «ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به» (?) فسؤال دفعه يدل على جوازه، وقوله تعالى «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» (?) يدل على عدم وقوعه، وهنا دقيقة وهي أن ما لا يطاق قد يكون عادياً فقط كالطيران في الهواء، أو عقلياً فقط كإيمان الكافر الذي علم الله تعالى أنه لا يؤمن؛ أو عادياً وعقلياً معاً كالجمع بين الضدين، والأول والثالث هما المرادان هنا، دون الثاني.

وافقنا المعتزلة على أن الله تعالى بكل شيء عليم، وأنه يعلم أن خلاف المعلوم محال، فهو يعلم أن الكافر يكفر وأن صدور الإيمان منه محال، مع ذلك كله فقد كلفه بالإيمان، فقد كلفه بما يتعذر وقوعه عقلاً، وهذه المقدمات كلها وافق عليها المعتزلة، فتكليف ما لا يطاق عقلاً قالت به المعتزلة. وإنما الخلاف فيما لا يطاق عادة كالجمع بين البياض والسواد في محال واحد، وجعل الجسم في مكانين في وقت واحد، والجمع بين الحركة والسكون في وقت واحد، والطيران في الهواء تحيله العادة، والعقل يجوزه، وإيمان الكافر العقل يحيله، إذا سئل أهل العادة عنه جوزوه فهو عقلي فقط.

ووجه الاستدلال بالآية أن الدعاء بمتعذر الوقوع حرام، فلا يجوز اللهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015