وتوقف الإمام في ذلك كله للتعارض.
والظاهر مذهب أبي يوسف فإن كل شيء قُدِّم من الألفاظ إنما قدم لرجحانه والتقدير رجحان المجاز فيجب المصير إليه.
وهنا دقيقة وهي أن الكلام إن كان في سياق النفي والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة كالدابة والطلاق، فيكون الكلام نصاً في نفي المجاز الراجح بالضرورة فلا يتأتى توقف الإمام، وإن كان في سياق الإثبات والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة فهو نص في إثبات الحقيقة المرجوحة بالضرورة، فلا يتأتى توقف الإمام، وإنما يتأتى له ذلك إن سلم له في نفي الحقيقة، والكلام في سياق النفي أو في إثبات المجاز والكلام في سياق الإثبات أو يكون المجاز الراجح ليس بعض أفراد الحقيقة كالراوية والنجو.
وهذه المسألة مرجعها إلى الحنفية وقد سألتهم عنها ورأيتها مسطورة في كتبهم على ما أصف لك.
قالوا المجاز إن كان مرجوحاً لا يفهم إلا بقرينة قدمت الحقيقة إجماعاً، وإن غلب استعماله حتى ساوى الحقيقة، ولا راجح ولا مرجوح بالكلية، فالحقيقة مقدمة عند أبي يوسف، ولا خلاف أيضاً، وإن رجح المجاز فله حالتان، تارة تمات الحقيقة بالكلية فيرجح أبو حنيفة إلى أبي يوسف ويقدم المجاز الراجح اتفاقاً، وإن كانت الحقيقة تتعاهد في بعض الأوقات فهذا موضع الخلاف، مثال المساوي لو حلف لا نكح والنكاح حقيقة في الوطء مجاز في العقد، فيحنث بالعقد في تساويهما. ومثال المجاز الراجح والحقيقة لا تراد، حلف لا يأكل من هذه النخلة واللفظ حقيقة في خشبها مجاز راجح في تمرها، وقد أميتت هذه الحقيقة فلا يأكل أحد خشبها فيوافق أبو حنيفة أبا يوسف، ولا يحنث إلا بالتمر. ولا يحنث بالخشب،