ضابط التمليك أن يضاف ما يقبل الملك لمن يقبله، فيفيد الملك، ومنه قلنا العبد لملك لقوله عليه الصلاة والسلام «من باع عبداً وله مال» والمواطن في ذلك ثلاثة: موطن لا يقبل الملك نحو المال المجمل، وموطن يقبل الملك وهو معين نحو المال لزيد، فيفيد لذلك في الثاني إجماعاً وعدمه في الأول إجماعاً، وموطن غير معين نحو قوله تعالى «إنما الصدقات للفقراء» (?) الآية فمن لاحظ قبول النوع للملك قال اللام للملك، ومن لاحظ عدم التعيين وعدم الحصر قال تمليك غير المحصور ولا يتصور جعلها للاختصاص. فالواحد والعدد المحصور متفق عليهما في إفادة الملك، وغير المحصور مختلف فيه، وقولنا في الاختصاص: هذا ابن لزيد أولى من قولنا أب لزيد فإن الأب لا يلزم اختصاصه بهذا الابن، فقد يكون له أولاد أخر، وأما الابن فلا يكون له أب واحد، والفرق بين الاستحقاق والاختصاص أن الاستحقاق أخص، فإن ضابطه ما شهدت به العادة، كما شهدت للفرس بالسرج والحمار بالبرذعة والدار بالباب، فهذا هو الاستحقاق. وقد يختص الشيء بالشيء من غير شهادة عادة، فإنه ليس من لازم الشيء أن يكون له ولد كما تقول في الفرس مع السرج.
والباء للإلصاق نحو مررت بزيد، والاستعانة نحو كتبت بالقلم، والتعليل نحو سعدت بطاعة الله، والتبعيض عند بعضهم، وهو منكر عند بعض أئمة اللغة.
بقي المصاحبة نحو خرج زيد بثيابه، وبمعنى (في) نحو سكنت بمصر، والقائلون بالتبعيض اشترطوا أن تكون مع فعل يتعدى بنفسه، حتى لا تكون للتعدية، وزعموا أن من ذلك قوله تعالى «وامسحوا برءوسكم» (?) فإن العرب تقول مسحت رأسي ومسحت برأسي، فلم يبق فرق إلا التبعيض، وليس كذلك، بل تقول: (مسح) له مفعولان يتعدى لأحدهما بنفسه والآخر بالباء، ولم تخير العرب بين المفعولين في هذه الباء، بل عينتها لما هو آلة المسح، فإذا قلت مسحت يدي بالحائط فالرطوبة