قال المؤلف رحمه الله تعالى عن أبي عبيد: [وحدثنا يزيد عن ورقاء بن إياس عن سعيد بن جبير قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كان -أو كتب- من القانتين.
فيه انقطاع، ولكن ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله وآله وسلم قرأ بهما في ركعة واحدة].
هذا الحديث فيه انقطاع، فـ سعيد لم يدرك عمر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالبقرة وآل عمران والنساء في ركعة واحدة، كما في حديث حذيفة، فكان صلى الله عليه وسلم لا يمر بآية فيها رحمة إلا وقف يسأل، ولا بآية عذاب إلا وقف يتعوذ، ولا بآية تسبيح إلا وقف يسبح، وهذا وقوف عظيم مع التدبر، فمن يستطيع قراءة خمسة أجزاء وربع في ركعة واحدة مع التدبر؟! قال حذيفة: (ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه)، وهذا تحمل عظيم، مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقد قالت له عائشة رضي الله عنها: (لم تفعل هذا -يا رسول الله- وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً) وإنما فعل هذا تعبداً لله عز وجل وشكراً لله، ولتتأسى به أمته عليه الصلاة والسلام.
وهذه النصوص فيها فضل هاتين السورتين العظيمتين، وذلك لما اشتملتا عليه من الأحكام العظيمة والأوامر والنواهي والآداب والأعمال وأوصاف وأخلاق المؤمنين، والتحذير من صفات المنافقين والكفرة والفساق.