فإن قيل: هل تقبل توبة الساحر؟
صلى الله عليه وسلم نعم، إن للساحر توبة، وكل أحد تقبل منه التوبة، فمن جاء بالتوبة بشروطها قبل الموت تاب الله عليه، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]، وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية نزلت في التائبين، ومحل قبولها إذا كانت فيما بينه وبين الله، أما إن كان الأمر يتعلق بالمخلوقين فلا، واختلف أهل العلم: هل يستتاب الساحر أو لا يستتاب؟ وسيأتي الكلام على هذا إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له: لبيد بن الأعصم لعنه الله وقبحه، فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، وشفاه منه وأنقذه، كما ثبت ذلك مبسوطاً في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كما سيأتي بيانه.
قال السدي: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة:101]، قال: لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة، فخاصموه بها فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف، وسحر هاروت وماروت فلم يوافق القرآن، فذلك قوله {كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة:101].
وقال قتادة في قوله: ((كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)) قال: إن القوم كانوا يعلمون، لكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به.