قال المصنف رحمه الله: وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98]، فيه إيقاع المظهر مكان المضمر، حيث لم يقل: فإنه عدو، بل قال: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98].
وكان الأصل أن يقول: فإنه عدو لهم بعد قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة:98]، ولكنه قال: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98]؛ لبيان هذا الحكم وإيضاحه ولأهميته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كما قال الشاعر: لا أرى الموت يسبق الموت شيء سَبَق الموت ذا الغنى والفقيرا].
فهنا كرر كلمة الموت، وكان الأصل أن يقول: لا أرى الموت يسبقه شيء.
وقوله: (سبق الموت) جاء في نسخة أخرى: نغص الموت ذا الغني والفقير؛ لأن كلمة السبق لا مناسبة للترهيب فيها، فإنا نقول: نغص أحسن، والشاهد هنا أنه كرر كلمة الموت، وكان الأصل أن يقول: لا أرى الموت يسبقه شيء، فجعل هنا الظاهر مكان المضمر، مثل قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98] وكان الأصل فإنه عدو لهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الآخر: ليت الغراب غداة ينعب دائباً كان الغراب مقطع الأوداج].
كرر كلمة: (الغراب) هنا، وكان الأصل أن نقول: كان هو الأصل مقطع الأوداج.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإنما أظهر الله هذا الاسم هاهنا لتقرير هذا المعنى وإظهاره، وإعلامهم أن من عادى ولياً لله فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدو له، ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة، كما تقدم الحديث: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالمحاربة)].
وقوله: ((فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)) ولم يقل: فإن الله عدو لهم؛ لتقرير هذا الحكم وبيانه وإيضاحه، أظهر الله الاسم الشريف هنا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الحديث الآخر: (إني لأثأر لأوليائي كمن يثأر الليث الحَرِبُ)].
والحرِبْ، على وزن لَعِب، والليث: هو الأسد، والحرب يعني: الغضبان، فمعناه: إني لأنتصر لأوليائي كما ينتصر الأسد الغضبان.
وقال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الحديث الصحيح: (من كنت خصمه خصمته)].
ذكر هذا الحديث وقال: إنه صحيح، وهذا له أصل، فقد رواه ابن ماجة.