قال المصنف رحمه الله تعالى: [مسألة: استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت، أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان، كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور من العلماء سلفاً وخلفاً، بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها) وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ، وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث.
وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون: لا يصح السلم في الحيوان؛ لأنه لا تنضبط أحواله، وحكي مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم].
الصواب في هذه المسألة أنه يجوز السلم في الحيوان، والسلم هو: تقديم الثمن وتأجيل المثمن، أو تعجيل الثمن وتأخير المثمن.
مثال ذلك: تسلم إنساناً خمسين ألفاً أو مائة ألف حاضر، وذلك في سيارة موصوفة بالذمة بعد سنة، صفتها كذا وكذا، وموديلها كذا وكذا، فتوصف كاملاً، كذلك الحيوان، تسلم كذا في حيوان، إبل أو بقر أو غنم، صفته كذا وكذا.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يسلمون في الثمار السنة والسنتين، فقال عليه الصلاة والسلام: (من أسلم في شيء، فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) فإذا كان المسلم فيه ثمر أو تمر أو حبوب فلا بد من تعريفه وتقييده بالأوصاف، كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم، والتمر معروف، وثمنه كذا وكذا.
كذلك إذا أسلم في سيارة، أو أسلم في حيوان فلا بأس، فالثمن يعجل والمثمن يؤجل ويقيد بالأوصاف.