قوله: والحال الأخرى ظهور النقطة الدموية في الصفاق وامتدادها في الصفاق هذه النقطة الدموية ليست تظهر في الصفاق بل في داخل المني وذلك في النفخة التي تصير تجويفاً للقلب كما قلناه والظاهر أن الغلط في هذا أو قع من الغلط في فهم كلام الفاضل أبقراط وذلك لأنه قال: كما أنه إذا قشر الإنسان قشر البيض الأعلى يرى شبه الحجاب الرقيق على رطوبة البيض. كذلك كان على ذلك المني حجاب رقيق وكان داخله مدوراً أحمر يتحرك فإذا تحرك ظهرت الحمرة التي فيه. وهذا الكلام ذكر في كتاب الأجنة في صفة مني سقط من امرأة بعد ستة أيام ومن الصفات التي ذكرت لذلك المني أنه كان عليه غشاء رقيق وكان يظهر في داخله أي في داخل المني شيء أحمر مدور يتحرك أي يتحرك أنبساطاً وانقباضاً وإذا تحرك ظهرت الحمرة التي فيه، وظهور هذه الحمرة بأكثر مما كان ليس في مطلق الحركة بل في حركة الانبساط وذلك لأن الموضع إذا انبسط تخلخل فكانت رؤية ما فيه من الحمرة أشد هذا هو معنى هذا الكلام لا أن تلك الحمرة كانت في الحجاب أي في الغشاء المجلل للمني والظاهر أن الذي أو جب فهم ما في الكتاب من كلام الفاضل أبقراط أنه ظن أن الضمير في قوله: وكان داخله مدوراً أحمر يعود إلى الحجاب الرقيق وهذا لا يصح فإن الذي في داخل الحجاب هو جملة المني ولون المني ليس بأحمر.

قوله: فهي في الإناث أبطأ تكون الأنثى أبطأ من تكون الذكر، ولذلك تكون أجزائها أبطأ من تكون أجزاء الذكر، وأما النمو فهو في الإناث أسرع، فلذلك تأخر كمال الرجال وبلوغهم عن كمال النساء وبلوغهن وذلك لأن العمدة في سرعة التكون هو قوة العاقد وهو الحرارة وهي في الذكور أقوى فلذلك تكونهم أسرع، وإنما كان كذلك لأن نقصان رطوبة المني المذكر يعين على سرعة الانعقاد، فإن عقد الحرارة هو بتجفيف الرطوبة ليستحيل أرضية وذلك يعين على نقصان الرطوبة. وأما النمو فإن سرعته إنما هي لزيادة قبول المادة للتمدد والانبساط وذلك إنما يكون بالرطوبة وهي في النساء الجواري أكثر مما في الصبيان لا محالة وليست حرارة الجواري تقصر عن إحالة الغذاء بقدر يكفي النمو الكثير فلذلك أسرع نمواً من الصبيان.

قوله: وهو الخامس عشر من العلوق ينفذ الدموية التي في الجميع فيصير علقة. حصول هذه الدموية ليس لأن المني يستحيل دماً فإن ذلك مما لا يمكن بل لأن الدم الذي ينفذ فيه من الرحم ليس يقوي المني في أو ل الأمر على إحالته إلى طبيعته إحالة تامة فتبقى حمرته باقية ويصبغ المني فيصير كالدم.

قوله: والأطراف عند الضلوع. وهيئة الجنين أنه جالس على عقبه وعيناه على ظهر كفيه وهما على ركبيه وأنفه بين ركبتيه فلذلك تكون يداه ورجلاه لاصقة بأضلاعه وبطنه. وفي المدة المذكورة ينفصل عنهما.

قوله: والجنين تحيط به أغشية ثلاثة: المشيمة. وهذه المشيمة هي أو ل غشاء يحدث على المني. وسبب حدوثها ما ذكرناه من تحرك المني تارة إلى ملاقاة جرم الرحم، وذلك إذا إلى وانفتح. وتارة إلى البعد عنه وذلك إذا تفشت حرارته وتكاثف جرمه، وفائدة هذه المشيمة إيصال الدم والروح إلى بدن الجنين ليغتذي بالدم ويحيا بالروح وذلك بسبب ما في المشيمة من العروق الكثيرة المتصلة بأفواه أو ردة الرحم وشرايينه وهي التي تعرف بالنقر وقد يسمى أنف الرحم بسبب أنه يستنشق منهما النسيم كما في الأنف، وفائدة تدلي هذه العروق في المشيمة أن تطول مسافة نفوذ ما ينفذ فيها وزمان بقائه في تلك العروق فتكثر استحالته إلى مشابهة مزاج المني ثم ينفذ من هذه العروق الدم والروح من سرة الجنين إلى بدنه ويبتدئ الدم بالنفوذ إلى كبد الجنين ومنها إلى جميع أعضائه لتغذيتها وكذلك الروح يبتدئ في النفوذ إلى قلب الجنين ثم إلى بقية أعضائه لست أعني بذلك أعضاءه التي تكونت بلا أجزاء والتي تصير له أعضاء ومنافذ الدم تصير أو ردة ومنافذ الروح التي تصير شراييناً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015