الأشخاص الذين لا تجب عليهم صلاة الجمعة

[وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض) رواه أبو داود وقال: لم يسمع طارق من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الحاكم من رواية طارق المذكور عن أبي موسى] .

هذا الحديث يبين حكم الإتيان إلى الجمعة وأهل الأعذار الذين تسقط عنهم؛ لأن هذين الأمرين متلازمين وهنا: (الجمعة حق على كل مسلم) ، ثم جاء الاستثناء لأربعة، وجيء بخامس وهو المسافر، وكل هذه الأصناف لها بحثها إن شاء الله، لكن يهمنا قوله: (حق على كل مسلم) ؛ لأن الموجود في أذهان كثير من الناس: أن إتيان الجمعة مندوب أو سنة مؤكدة، ولكن ليعلم الإخوان بالتتبع، ومن أراد فليرجع إلى تتمة أضواء البيان عند هذا المبحث، فسيجد نقول المذاهب الأربعة على أن الجمعة فرض عين على كل مكلف ممن لم يستثن ولم تسقط عنه الجمعة من الأصناف الأربعة أو الخمسة.

ويكفي وعيداً في عدم المجيء إليها قوله صلى الله عليه وسلم: (من ترك الجمعة ثلاث مرات بغير عذر طبع الله على قلبه) ، وهذا ما جاء إلا في المنافقين والعياذ بالله، وكما قالوا رحمهم الله في الاتفاق: هي فرض يومها، أما الذين سقطت عنهم أو لم يدركوها سواء كان بعذرٍ قام بهم كالمملوك والمرأة والصغير والمريض والمسافر، أو لشيء نقص عليه وهو مستكمل الشروط، كأن غلب عليه نوم أو شغل أو بعد عليه السبب أو المسافة، فحينئذٍ يصلي الظهر، إذاً: القادر المستطيع الذي يدخل تحت تكليف يوم الجمعة واجب عليه أن يأتيها.

وقد كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يأتون إليها من العالية ومن قباء، وكان يأمرهم صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا لصلاة الجمعة بالمسجد النبوي الشريف، ثم بعد ذلك أذن لهم لما كثر الناس وشق عليهم النزول، وصار الأمر على خلاف ما كان سابقاً، وتقام كل جمعة في نفس القرية لا في قرية أخرى وهذا سيأتي عليه بحث آخر إنشاء الله.

إذاً: الجمعة حق على كل مسلم وفرض عين كالعصر والمغرب والعشاء والظهر في غير يومها.

أما من تسقط عنهم الجمعة فمنه ما هو موضع اتفاق ومنه ما هو موضع خلاف.

[وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس على مسافر جمعة) رواه الطبراني بإسناد ضعيف.

] تقدم الكلام على مقدمة هذا الحديث من حديث طارق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم) ، واستثنى الأربعة من عموم المسلمين: المملوك والمرأة والصبي والمريض، وسمعنا المؤلف رحمه الله يقول: إن الحديث ضعيف، وقالوا: إن طارقاً لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون الحديث مرسلاً؛ لأن طارقاً تابعي، وبعضهم يقول: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يسمع منه فيكون حديثه مرسلاً، ولكن قالوا: جاء الحديث برواية طارق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والحديث تلقى بالقبول وعليه العمل، ولكن الخلاف في بعض تلك الأصناف وفيها تفصيل، أما قوله صلى الله عليه وسلم: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة) ، فهذا تقدم الكلام عليه من أن الجمعة في يومها فرض عين، وهي فريضة اليوم وقوله: (في جماعة) شرط في الجمعة، أي: لا تصح فرادى، ومن فاتته لعذر أو غير ذلك فلا يصلي جمعة وإنما يصلي ظهراً، والأصناف التي استثنيت هي كما يلي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015