قال المصنف رحمه الله: [وعنه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله عز وجل شيئاً إلا أعطاه أياه، وأشار بيده يقللها) متفق عليه، وفي رواية لـ مسلم: (وهي ساعة خفيفة) ] .
قوله: (خفيفة) كأنها تفسير (يقللها) ، وذكروا أنه صلى الله عليه وسلم وضع طرف الإبهام على الوسطى أو الخنصر، أي: أنه شيء قليل جداً، فليست ساعة من الساعات الزمنية المعروفة التي ينقسم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة منها.
[وعن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة) رواه مسلم، ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة.
وفي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه عند ابن ماجة وعن جابر رضي الله عنه عند أبي داود والنسائي: (أنها ما بين صلاة العصر وغروب الشمس) وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً أمليتها في شرح البخاري.
] .
هذان الحديثان يعتبران أصح الأقوال التي قيلت من ثلاثة وأربعين وقتاً، وابن عبد البر رحمه الله أورد تلك الأقوال بأسانيدها، ومن يقول بها، وهذا شيء لا نستطيع أن نحفظه ولا نستطيع أن نورده بكامله، ولكن نرشد طالب العلم إلى محله وهو في الجزء الثالث والعشرين من التمهيد، لمن أراد أن يرجع إليه.
ويهمنا باتفاق العلماء بأن كل الأقوال التي جاءت بتحديد وقت قبل جلوس الإمام أو قبل الأذان للجمعة كلها مردودة أو ضعيفة، ولكن الأحاديث الصحيحة التي يعوّل على أسانيدها هو هذا الذي جاء ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تتم الصلاة، وهناك من يقول: إلى أن تتم الخطبة، ولكن نقول: إن التمديد إلى الصلاة أشمل؛ لأنها تجمع الخطبة معها.
والقول الثاني: حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه: أن وقتها ما بعد صلاة العصر، ثم ما بعد صلاة العصر فيه عدة أقوال، حتى قيل: حينما يشرع القرص في الغروب، وقالوا: إن فاطمة رضي الله عنها كانت تأخذ بهذا القول، وتوصي غلاماً لها ينظر لها قرص الشمس إذا أخذ في الغروب أخبرها فقامت تدعو.
وقالوا: كان أحد السلف إذا صلى العصر جلس ولم يكلم أحداً إلى أن تغرب الشمس، يدعو الله سبحانه وتعالى انتهازاً أو تحرياً لتلك الساعة إلى غروب الشمس.
ثم إن بعضهم يقول: حتى يكون الظل كذا حتى تصفر الشمس حتى يغرب القرص، فكان ما بعد صلاة العصر يجلس في مكانه إلى أن تغرب الشمس، والله تعالى أعلم.