وأما قول الخطيب: (وخير الهدي هدي محمد) فقد ضبطه العلماء بوجهين: (خير الهَدْي) ، و (خير الهُدَى) ، والكتابة لا تختلف، فالهَدْيُ: هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهدى الناس إليه، والهُدَى: ما هَدى الله به عباده عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأول كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52] .
وقوله: (هدي محمد) .
محمد هو رسول الله، فلم يقل صلى الله عليه وسلم: (وخير الهدي هديي) ؛ لأن الخطيب الذي يجيء بعده إن قال (خير الهدي هديي) ، فليس له حقٌ في ذلك، وهذا في أساليب البلاغة يسمى التجريد، كما قالوا في قول امرئ القيس: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل فهو يحدث نفسه وما عنده أحد، لكنه أوجد أو تخيل شخصية أخرى يخاطبها، وهنا الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي بالحقيقة فيقول: (خير الهدي هدي محمد) ، ومحمد هو رسول الله كما نص القرآن الكريم، فخير الهدي الذي يهتدي به الإنسان في سلوكه واتباعه ومنهجه هدي محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21] .
وفي بعض الروايات: (خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم) بذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وبعض الروايات بدون الصلاة، ونحن يجب علينا أن نصلي إذا ذكرنا اسمه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث: (رغم أنف امرئ ذكرتَ عنده فلم يصل عليك) ، فإذا جاء اسمه صلوات الله وسلامه عليه في أي مناسبة باسم (نبيٍ) أو (رسولٍ) أو (محمد) فإنه يجب عليك أن تصلي وتسلم عليه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.