قال المصنف: [وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين) .
رواه مسلم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين: هناك من أخذ هذا النص وجعل ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ هي مدة السفر التي تقصر فيه الصلاة، وهذا خطأ، والصحيح في ذلك يؤخذ من قوله: (إذا خرج) فلم يقل: إذا سافر، ولاحظوا الدقة في التعبير، وكأن السفر غير الخروج.
فيقول: إذا خرج في سفر طويل، وقطع من السفر الطويل ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -شك من الرواي- صلى ركعتين، يعني أنه يشرع في قصر الصلاة في السفر الطويل بعد أن يقطع ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -على الشك- ولا يشرع في قصر الصلاة من بيته؛ هذا حاصل هذا الحديث.
قال المصنف: [وعنه رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول لله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة) .
متفق عليه، واللفظ للبخاري.
] .
قبل الشروع في شرح الحديث أحب أن أنبه بأن أهم المراجع التي يمكن أن يرجع إليها طالب العلم في هذه المسألة: أضواء البيان لوالدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه، فقد ذكر كل ما تقدم من خلاف، وله رأي في الترجيح، وأنا لا أقول شيئاً في ذلك، ولكن أحب أن أقول أيضاً بأنه عرض إلى ما عرض إليه الفخر الرازي في التفسير في نوعية القصر، ما هو القصر هل القصر في الكيفية أم في الكمية؟ ومعنى القصر في الكيفية: هو إتيان الصلاة على ما هي عليه أربعاً، ولكن مع التخفيف في الأركان.
يعني: تقرأ الفاتحة فقط، وتسبح مرتين أو ثلاثاً فقط، وهناك من يقول بذلك، وقالوا: صلاة السفر تقصر ركعتين، وصلاة الخوف تكون ركعة واحدة، وبعضهم يقول: قصر الصلاة مع الخوف ركعة، ومع الأمن ركعتين، ولكن لم يأخذ بهذا التفصيل أحد من الأئمة الأربعة، فإذا مر عليها الطالب فلا يقف عندها طويلاً، اللهم إلا إذا كان استيعاباً للخلاف الموجود في المسألة، أما إذا أراد فقه المسألة وتحقيقها فليتجاوز هذه المرحلة في أول بحث الشيخ رحمه الله، ثم يأتي إلى الفروع التي أوردها في المسألة، وأقوال الأئمة رحمهم الله في تلك المسألة التي يتعلق بها الحكم.
والله تعالى أعلم.