قال المصنف رحمه الله: [وعن عمر بن خارجة رضي الله عنه قال: (خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، وهو على راحلته، ولعابها يسيل على كتفي) ، أخرجه أحمد والترمذي وصححه] .
انتقل المؤلف إلى موضوع آخر، وهو: لعاب ما يؤكل لحمه، خطب النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، ولعاب راحلته يسيل على كتفه.
ففي هذا الحديث: أن لعاب راحلة النبي صلى الله عليه وسلم كان يسيل على كتف الذي كان يمسك بزمامها، فالرجل كان يمسك زمام الراحلة والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس عليها، فهل يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لعاب راحلته يسقط على كتف من يمسك زمامها، أم أنه رآه: وأطلع عليه؟ الغالب أنه رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الموقف يقتضي أنه رآه ولم ينهه عنه، ولم يأمره بغسله، فهذه سنة تقريرة، فلعاب الحيوان مأكول اللحم طاهر، بل وغيره كذلك.
فقد ورد في باب المياه حديث: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) ، وورد فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر ببعض الحياض بين مكة والمدينة، فلما ورد حوضاً قال عمر: يا صاحب الحوض! أخبرنا: هل ترد السباع ماءك؟ فبادره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (لا تخبرنا يا صاحب الحوض؛ إنا نرد على السباع، وترد السباع علينا، فلها ما أخذت في بطونها شراباً، ولنا ما أبقت شراباً وطهوراً) ، فسؤر جميع الحيوانات طاهر، ما عدا الكلب، ونحن نستثني الكلب لما تقدم، وهل هو لنجاسته، أو هو لما فيه من داء الكلب؟ فيه تفصيل تقدم.
أما بقية الحيوانات كالهرة فإن أبا قتادة قرَّب إليها الإناء، فكانت زوجة ولده تتعجب، فقال: يا ابنة أخي: أتعجبين؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم) .