وهل يجوز لكل إنسان أن يحتجر في المسجد ويضيق على الناس؟ قالوا: لا، ما لم يكن في الأمر سعة.
والآخرون قالوا: إنها كانت توضع في الليل عندما لم يكن هناك نداء لصلاة الفريضة، وترفع في النهار فلم تضيق.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في رمضان يوضع له سرير عند باب الحجرة، وإذا جئت إلى الروضة تجد بعض الأسطوانات مكتوباً عليها: أسطوانة السرير.
كان إذا اعتكف صلى الله عليه وسلم يوضع له سرير ينام عليه في حالة اعتكافه.
وقد جاء عن عائشة أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله) .
التحجير في المسجد إذا كان يضايق المصلين فحق المصلين مقدّم ولا يجوز ذلك، وإذا كان هناك سعة ولا تضييق على أحد فلا مانع في ذلك، وصلاة النافلة وهي قيام الليل تصلى جماعة، وعليه فالتراويح تصلى جماعة كما هو واقع الآن.
قوله: (خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) هذا منصب على النافلة المطلقة، والنوافل الرواتب تجوز صلاتها في المسجد، وتقدم لنا أنه كان يصلي سنة المغرب والعشاء ركعتين في بيته، ولم ينص على النوافل الأخرى في بيته، فبقية النوافل تكون في المسجد، وقلنا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن بيته إلا المسجد؛ لأن بابه مُشرع على المسجد، والله تعالى أعلم.
فلا ينبغي للإنسان أن يترك الصلاة في البيت، بل يجعل لبيته حظاً من صلاته لبركة الصلاة، ولطرد الشيطان، ولتعليم النسوة والأطفال، وقد جاء الحديث: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (صلوا في بيوتكم) ، وقد جاء عن عتبان بن مالك أنه كان رجلاً يؤم قومه في بني سلمة، وكان قد أنكر بصره نسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه ليصلي له في بيته ليتخذ ذلك المكان مصلىً له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أين تريد أن أصلي؟) ، فأشار إلى مكان فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يصلي في ذلك المكان تبركاً بموضع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.