وقد بدأ بيان الاقتداء بقوله: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر) ، فلم ينص على النية، فبعضهم قال: إنها خارجة عن محل الائتمام.
وبعضهم قال: هي مبدأ الصلاة، على عموم: (يؤتم به) ، ولكن التفصيل النبوي أسقط الكلام في النية، فأخذوا دليلها من العموم.
قوله: (فإذا كبر) هي عبارة عن جملة، أي: إذا قال: الله أكبر، كما يقال: هلل إذا قال: لا إله إلا الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وهذه التكبيرة من الألفاظ التي لا يجزئ افتتاح الصلاة بغيرها.
وقوله: (فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر) ، تأكيد بعد التأسيس، و (إذا) ظرف، والتكبير له بداية وله نهاية، وبدايته الهمزة، ونهايته الراء من (أكبر) ، فالمراد بقوله: (إذا كبر) إذا بدأ في التكبير فابدأ، أي: وتشاركونه في بعضها، فيبدأ قبلكم وتشاركون في بعضها، وينهي تكبيره قبل تكبيركم، أو إذا كبر وفرغ من التكبير كله تبدأون أنتم، فعندما يفرغ من الراء في (أكبر) تبدأون أنتم بالهمز، من (الله) .
وأصل هذا مسألة (هل العبرة بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟) وهذه مسألة تدخل في كثير من الأحكام، فلو جاء القاضي سندٌ بألف ريال، وفيه: يُدفع في رمضان.
فهل المراد أول يوم يدخل من رمضان، أم بعد أن ينتهي رمضان، أو قبل انتهائه بيوم؟ إن قلنا: العبرة بأوائل الأسماء فلصاحب الحق أن يطالب أول ما ظهر هلال رمضان، وإن قلنا: العبرة بأواخر الأسماء فعليه أن ينتظر حتى ينقضي رمضان.
وهنا (إذا كبر) يعني: إذا بدأ وشرع في التكبير، فهل نتبعه ونشرع معه، أم حتى ينتهي من التكبير؟ الجمهور على أنه إذا بدأ وشرع فلنا أن نبدأ معه، وإن كنا نصاحبه في بعضها، وهذه دون غيرها مما ذكر في أركان الصلاة، ولو تقدم المأموم إمامه وكبر قبل أن يكبر الإمام -سواءٌ أبدأ بعده وأسرع قبل أن يفرغ الإمام، أم بدأ بالتكبير قبل أن يبدأ الإمام فلا ارتباط للمأموم بالإمام؛ لأن تكبيرة الإحرام هي افتتاح الصلاة.
فإذا تعجّل وكبّر قبله كأنه لم يرتبط بإمامه، وكذلك السلام.