التحذير من جعل عدد ركعات التراويح موضعاً للخلاف والنزاع

والذي يهمنا في هذا أيها الإخوة: أنه لا ينبغي لإنسان أياً كان هو بما تبادر عنده أن يجعل عدد ركعات التراويح موضع خلاف ونزاع بين المسلمين، فإن كنت تريد أن تصلي ثماني ركعات فكما تريد، أو تريد أن تصلي أربعاً فكما تريد، ولا اعتراض على أحد في ذلك، لأنه تطوع.

تريد أن تصلي مائة ركعة فلا مانع، وكان عثمان رضي الله عنه أحياناً يقوم الليلة كاملة بركعة واحدة، فلا مانع، ولا حصر لعدده، اللهم إلا الجماعة للإمام الراتب بأن ذلك أصبح شعاراً خاصاً برمضان، وللإمام الذي عينه الإمام أي: أن يصلي ويحافظ على هذه السنة التي تناقلها الناس أربعة عشر قرناً، وما دب الخلاف إلا في هذا القرن الأخير، والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.

أما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في رمضان ولا في غيره على ثمان ركعات) ، فهل من المعقول أو الإنصاف أو المنهج العلمي، أو الأمانة العلمية، أن نقتصر على حديث عدد ثمان ركعات ونترك كل ما عداه من الصفات، أو نترك كل الآثار أو النصوص التي وردت في الموضوع؟ ليس هذا بإنصاف، وليس هذا بأمانة، والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.

قالت عائشة: (قلت: يا رسول الله! تنام قبل أن توتر؟) .

وكان من حقه وقد تورمت قدماه، قالت: (فنام، ثم قام فأوتر، فصلى ثلاثاً) .

عائشة تعلم بأن من نام مضطجعاً عليه أن يتوضأ، فلما نام قالت: (تنام قبل أن توتر؟) أي: والوقت قريب، وسترجع مرة أخرى تتوضأ، قال: (يا عائشة! إن عيني تنامان وقلبي لا ينام) يعني: لو نمت لم ينتقض وضوئي، ولو انتقض لعلمت ذلك، وهذا من خصائص الأنبياء صلوات الله عليهم، وفي بعض رواية ابن عباس: (وكذلك الأنبياء) .

وهنا صلى ثلاثاً على أي كيفية صلى ركعتين ثم واحدة منفردة، أم أنه صلى ثلاث ركعات مجموعة بسلام واحد؟ الأحناف أخذوا بكلمة (ثلاث) فجعلوها شبيهة بالمغرب، والجمهور فرقوا فجعلوها ركعتين ثم ركعة، وأخذوا بحديث: (لا تشبهوا الوتر بالمغرب) ، وحديث أم المؤمنين هنا مجمل، وجاء تفصيله في غيره وعليه أخذ الجمهور.

(صلى ثلاثاً) ، فهنا ثلاث مع ثمان كان المجموع إحدى عشرة ركعة، وركعتان يفتتح بهما صلاة الليل أو ركعتي الفجر كان المجموع ثلاث عشرة ركعة، وكما قلنا: كان يصلي ست ركعات في أول الليل، وثلاث عشرة ركعة في آخره يكون المجموع تسع عشرة ركعة، وركعتان خفيفتان، فيكون المجموع إحدى وعشرين ركعة.

ولما ذكرت ذلك للشيخ ابن باز رحمه الله قال: هذا تلفيق في العدد، قلت: يا شيخ! تلفيق خير من تبديع، عندما نقول: إن عمر لفق العدد التلفيق هذا هو مجموعة أحاديث موجودة، فنعم الحل، بدلاً من أن نقول: إنه ابتدع ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذاً: له أصل من السنة وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، فهل أصحاب الثمان أخذوا بهذه الست والأربع أيضاً؟ لا أعتقد أنهم يأخذون بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015