تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (ما زاد - (ما) هنا نافية- رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، وإلى هذا الحد كأنه يقال: لا زيادة في التطوع ليلاً في رمضان ولا شعبان ولا شوال على ثمان ركعات، هذا هو النص في الكمية، ولكن هل بقي الأمر على ذلك؟ نأتي إلى الكيفية: (يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن) ، لماذا لا أسأل؟ لأنه فوق ما تتصور من الإجابة، ومما تتوقع أن يصليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذه ثمان ركعات: أربع وأربع؛ (ثم يصلي ثلاثاً) فيكون المجموع إحدى عشرة ركعة، (ثم يصلي ركعتي الفجر) فيكون ذلك ثلاث عشرة ركعة.
الثلاث لم تبين لنا كيفيتها، ولكن في الثمان ذكرت التطويل والحسن.
يأتي في حديث أنس وغيره عنها رضي الله تعالى عنها أنه كان يقرأ قائماً في الركعة الأولى البقرة والنساء وآل عمران، أو يقرأ البقرة أو آل عمران، ثم يركع نحواً من ذلك، ثم يرفع نحواً من ذلك، ثم يسجد ويقول: سبحان ربي الأعلى نحواً من قيامه، ثم يجلس ويحمد الله، ويسأله نحواً من قيامه، ثم يسجد ويقول: سبحان ربي الأعلى نحواً من اعتداله.
وتقول في قراءته: (ما مر بآية مغفرة إلا سأل، وما مر بآية عذاب إلا استعاذ) وهكذا تبين القراءة ترتيلاً وسؤالاً وتأملاً واستعاذة.
يقول ابن حجر: إن هذه الكيفية لتعطي الركعة ما يعادل ساعتين، ولعله يقضي الليل كله في هذه الثمان ركعات.
نحن نأتي إلى قولها: (ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره) ، فبعض الإخوة يأخذون الحديث يقسمونه قسمين: قسم يأخذون به، وقسم يهملونه، ويقولون: لا تراويح إلا ثماني ركعات؛ لحديث عائشة: (ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره) لكن لفظ: (عن حسنهن وطولهن) أين ذهبت؟ قال: هذه ذهبت مع رسول الله فيقال: سبحان الله! أنتم تأخذون ذلك سنة، وتمنعون الزيادة، لماذا؟ فإذا كنتم تريدون تطبيق السنة وفعلتم ذلك، فكان يكفي منكم أربع ركعات بدلاً عن ثمان، وهي خير من عشرين وثلاثين وأربعين ركعة على النحو الموجود الآن، لكن تعجزون عن ذلك، والسلف رضوان الله تعالى عليهم لهم مع التراويح مشوار طويل، لكن يهمنا في هذا النص أن نبين للإخوة خطأ التمسك بجزء من ظاهر هذا النص، وترك الجزء الثاني مع أنه نص لا يتجزأ؛ لأن الكيفية تابعة للأصل، وكما يقال: (الحال يأتي لبيان صاحبه) ، فيقال: صلوا ثمان ركعات لكن على الحال التي فعلها صلى الله عليه وسلم، لا تأخذ ثمانية وتجعلها تقليداً وليست كالأصل، والسلعة الأصيلة لا يمكن أن تجارى بسلعة تقليدية لها.
إذاً: لا حجة لمن تمسك بثمان ركعات في رمضان، ثم نقول مرة أخرى: هل يا ترى عندما اقتصرتم على الثمان ركعات في رمضان، هل داومتم عليها بقية السنة؟ لا أدري ما الجواب فالجواب عندهم! لأنها تقول رضي الله عنها: (في رمضان ولا في غيره) وقيام الليل يقول بعض العلماء: كان فرضاً عليه {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79] وقد عرفنا معنى (نافلة لك) ، فكان يداوم على ذلك.
إذاً: من أخذ بالثمان على تلك الكيفية وداوم عليها في رمضان وغيره فجزاه الله خيراً، لكن يترك الصلاة طوال السنة، ويأتي إلى رمضان فيأخذ العدد فقط ويترك الكيفية، فهذا أخذ بالنقيضين.
إذاً: هذا الحديث لا مستند لأحد فيه.