قال المؤلف رحمه الله: [وعنها رضي الله عنها قالت: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر) متفق عليه] .
هذا تأكيد لما تقدم، فلم يكن صلى الله عليه وسلم أشد تعاهداً -يتعهده ويداوم عليه- من تعاهده لركعتي الفجر، وهذا يدل على أن ركعتي الفجر من المؤكدات في النوافل، وهي آكد من غيرها، وقد أشرنا سابقاً بأن كلمة (نافلة) عامة، ويدخل تحتها السنة والمندوب والتطوع، وأشرنا بأن بعضها يتفاضل عن بعض.
[ولـ مسلم: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) ] .
(ركعتا الفجر) يعني: سنة الفجر، (خير من الدنيا) سبحان الله! ما أقل الدنيا فيما يتعلق بالعبادة عند الله! وبعض العلماء ينبه تنبيهاً لطيفاً، فيقول: الدنيا فيها فضائل كثيرة: كالنبوة، والرسالة، والعبادة، وكل أنواع الخير، ولكن المراد بهذا: ما فيها من الزخارف الملهية كالأشجار والأنهار والبيوت والقصور والأموال إلخ، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14] إذاً: (خير من الدنيا وما فيها) أي: من الأمور الدنيوية، أما العبادات فلا تدخل في ذلك.