إن إظهار النعمة فيه شكر للمنعم، وسبب في دوامها، فشكر النعم موجب لزيادتها، ونحن نعلم جميعاً قصة الثلاثة النفر الذين كانوا قبلنا، يقول صلى الله عليه وسلم: (كان فيمن كان قبلكم ثلاثة نفر: أبرص وأقرع وأعمى، أراد الله أن يبتليهم، فأرسل الله ملكاً إلى الأول فقال: يا هذا! ما هذا الذي أراه بك؟ قال: ابتلاء، قال: ماذا تريد وتحب وتتمنى؟ قال: أتمنى أن يعافيني الله من هذا البلاء الذي استقذرني الناس بسببه؛ فمسحه فإذا به معافى، قال: ماذا تحب من النعم؟ قال: الإبل فأعطاه شيئاً من الإبل ودعا له بالبركة فيها، ثم أتى إلى الثاني، قال: ما هذا الذي أراه بك، قال: ابتلاء، قال: ماذا تريد؟ قال: أسأل الله وأتمنى على الله أن يذهب عني هذا الذي تجنبني الناس بسببه، فمسح عليه فعافاه الله، فقال: ماذا تحب؟ قال: البقر فأعطاه، وجاء إلى الأعمى فقال: من متى أنت كفيف البصر؟ قال: من كذا، قال: وماذا تريد؟ قال: أن يرد الله إلي بصري، فمسح عينيه فأبصر، قال: ماذا تريد من النعم؟ قال: الغنم، فأعطاه وصبر على الثلاثة مدة؛ ثم جاء إلى الأول على الصورة التي كان عليها، جاءه في صورة رجل أقرع مستقذر، فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بعيراً أتبلغ به في طريقي؛ لأني منقطع وابن سبيل، فقال: الحقوق كثيرة، فقال: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله! فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت، فرجع كما كان، وذهب عنه ماله، وجاء إلى الثاني كذلك، وجاء إلى الثالث وقال له: غنيمات أتبلغ بها في الطريق، قال: اذهب فخذ ما شئت، ودع ما شئت، والله! لقد كنت أعمى فرد الله علي بصري، وكنت فقيراً فأغناني الله، والله! لا أرد أحداً أخذ شيئاً لله أبداً، قال: أمسك عليك نعمك، واحمد الله على ما أنعم عليك، وشكرت نعمة الله عليك فدامت لك، أما صاحباك فقد أنكراها وتنكرا لها؛ فأذهبها الله عنهما) .
إذاً: شكر النعمة يحفظها، ومن هنا جاءت النصوص في كتاب الله وفي سنة رسول الله بالحث على شكر النعمة لأي نوع من أنواعها، وأعظم نعم الله على الإنسان هي نعمة الإسلام، بل هي أعظم من نعمة وجوده في الدنيا.