بالمناسبة: في تاريخ أئمة المسجد النبوي كان شخص دعي للإمامة -توفي قريباً- فاشترط على الملك عبد العزيز الله يرحم الجميع: أن أُسبح ثلاثة عشرة تسبيحة في الركوع، وفي السجود مثلها، وجاء الرجل ولقيته وقلت له: كيف تشترط هذا على الملك؟ قال: هذا حق الصلاة، قلت: تريد أن تتهرب من الإمامة، فإذا كان الإمام يطيل الركوع، والمأموم يعلم من نفسه ومن حالة إمامه أنه إن ركع معه في أول انحنائه لا يستطيع أن يواصل معه، فله واحد من اثنين: إما أن يركع قبل الإمام أو يقف؟ يقول الباجي رحمه الله في شرح الموطأ: من علم أن هذه حالة إمامه إذا ركع الإمام لا يركع ويبقى قائماً؛ لأن القيام أريح له، إلى أن يعلم من حال إمامه ما يغلب على ظنه أنه لم يبق له إلا ثلاث تسبيحات أو أربع، أو الذي يستطيعه هو؛ فيركع قبل أن يرفع الإمام ويُدرك الإمام في الركوع بقدر ما يثبت له به الركوع، وعند الرفع يرفع معه؛ لئلا يتأخر عن الإمام ولا يصح أن يتقدم عليه، وكذلك إذا سجد الإمام إن شاء هوى للسجود، أو جلس وانتظر الإمام حتى يأخذ راحته، وعلى قدر ما يعلم من حالة الإمام وتقديره فيسجد قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجدة، ويدرك مع الإمام قدر السجدة التي تجزئه، ويرفع الإمام فيرفع معه، يبقى هناك نطاق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] .
بقي من المباحث: إنسان صلى مع الإمام وعجز عن مواصلة صلاته ماذا يفعل؟ بهذه الطريقة التي ذكرها الباجي لا يعجز، ولكن بالطريقة التي يقولها الآخرون يعجز، ويقولون: إن قدر على الصلاة قائماً منفرداً وعجز عنها مؤتماً وجب عليه الانفراد؛ لأن القيام ركن في الصلاة والجماعة سنة.
هل توافقون على هذا الرأي أم أن الأول أفضل؟ الوجه الذي يريد أن يُضيع الجماعة منفي وليس بسهل، ثم التفضيل بأن الجماعة سنة هناك من يقول: إنها واجبة، أو يقول: شرط في الصلاة لا شرط في صحتها، يهمنا أن فيها نقاشاً، لكن لو أخذنا هذه الطريقة التي يذكرها الباجي: بأن المأموم إذا كان مريضاً أو عاجزاً يقدر لنفسه مع إمامه ما يستطيع أن يأتي به؛ فتتم له فضيلة الجماعة، ويسلم من المشقة عليه.