بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: [وعن وائل بن حجر قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره) ، أخرجه ابن خزيمة] .
وائل بن حجر له خصيصة من بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولم تكن العادة أن نترجم لأحد، وإنما نحفظ أسماءهم فقط ولا نذكر تراجمهم، لكن يلفت النظر هنا: أن وائل بن حجر من أبناء ملوك حضرموت، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن مجيئه قبل أن يصل، فقال: (يأتيكم وائل بن حجر وهو من بقايا أبناء الملوك، جاء راغباً طالباً يبتغي فضل الله، وجاء إلى الله وإلى رسوله راغباً في الإسلام) ، ولما وصل أفسح له النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، وافترش له رداءه وأجلسه عليه، لماذا؟ في السنة النبوية مناهج عديدة، ونأخذ من هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل الناس منازلهم، وليس في هذا محاباة ولا مغايرة، ولكن إكراماً، ويذكرون عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه أتاها مسكين فأعطته كسرة خبز، ثم أتاها رجل ذو هيئة يسأل، فأجلسته وقدمت له طعاماً، فقيل لها في ذلك، فقالت: إن ذاك يكفيه تلك الكسرة، وهذا ممن يصدق فيهم قوله: (أنزلوا الناس منازلهم) .
وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم، ومن محاسن الآداب التي علمنا إياها، ونقول: الأصل أن الناس سواسية! وليس هناك مانع، فهم سواسية فيما يتساوون فيه، ألا تراهم في صف الصلاة: أمير ومأمور، وغني وفقير، وصغير وكبير، وكلهم في صف واحد سواسية، ليس هناك اختلاف، ورمضان يأتي على الجميع فيصومون، لكن في أمور الدنيا هناك أمور يكون التفاوت بسببها؛ ثم أليس في فعله صلى الله عليه وسلم ترغيباً له؟! هو من أبناء الملوك ويترك الملك ويأتي وتقول له: اذهب أنت مثل فلان وفلان، أقل ما فيه شيء من المجاملة ومن الترغيب، وفي تكريمه تكريم لمن وراءه.
ويهمنا أنه يذكر لنا هيئة من هيئات الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من حسن ترتيب المؤلف؛ فقد جاء عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في ثلاثة مواضع إذا رفع يديه حذو منكبيه عند افتتاح الصلاة، ثم عند الركوع، وقبل أن يركع، ونحتاج إلى معرفة موقع اليدين بعد هيأتهما في الافتتاح، فهل جعلهما حذو منكبيه حتى يركع؟ لا، فإما أن يسدلهما أو يضمها، فجاء بحديث وائل هنا ليبين لنا موقع اليدين عند القيام.