قال المصنف رحمه الله: [وروى زياد بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن أذن فهو يقيم) وضعفه أيضاً] .
هذا أيضاً من باب التعاليم والآداب في الأذان، من أذن فهو يقيم، وهذه الحكمة واضحة عندما نكون جالسين في المسجد ونسمع المؤذن، وعلمنا بدخول الوقت، ومن أراد أن يتنفل نافلة قبلية تنفل، ثم بعد ذلك سمعنا إنساناً آخر يقيم الصلاة فإنه يلتبس علينا: هل هذه إقامة الصلاة بعد الأذان الذي سمعناه أم هو أذان في مسجد آخر؟ أما إذا كان نفس المؤذن هو الذي يقيم فإننا قد علمنا من هو بأذانه الأول عندما دخل الوقت.
ويمكن أن يكون للإقامة شخص آخر فيكون أدعى لمعرفة الإقامة أن الأول أذان والثاني إقامة، وسيأتي عن عبد الله بن زيد أنه لما رأى الأذان تطلع أن يكون مؤذناً؛ لأنه هو صاحب القضية، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قم فأمله على بلال فإنه أندى منك صوتاً قال: اجعلني أقيم.
قال: أقم) ، ويقولون: هذه الرواية وإن كان فيها ما فيها، فهي أول مرة استجابة لطلبه وتطييب لخاطره، ولكن بعد ذلك الذي يؤذن هو الذي يقيم، واتفقوا أنه إذا أذن إنسان وأقام آخر وصلوا الصلاة بتلك الإقامة أن الإقامة صحيحة، ولا تحتاج إلى إعادة.
مثلاً: المؤذن كان له عذر ولم يستطع أن يقيم الصلاة، فأناب غيره ليقيمها، حتى الإمام يجوز أن يقيم الصلاة بدل المؤذن أو أي أحد من الحاضرين يجوز أن يقيم الصلاة بدل المؤذن، ثم إذا حضر المؤذن فلا حاجة إلى إعادة الإقامة من المؤذن؛ لأنه سقط حقه في غيبته أو في عدم تقدمه ابتداءً.
إذاً: الأولى والسنة أن من أذن فهو يقيم، ولو قدر أنهم قدموا شخصاً آخر ليقيم الصلاة؛ لأن المؤذن كان على غير وضوء أو انتقض وضوءه فذهب ليتوضأ، وغاب علينا وأراد الإمام وهو أملك بالإقامة أن يقيم الصلاة؛ فإنه يقدم شخصاً من الحاضرين ليقيم الصلاة في غيبة المؤذن الذي كان له حق الإقامة، ثم لا تقام الإقامة بعد حضوره.