قال المؤلف: [وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين) أخرجه الخمسة إلا النسائي، وفي رواية عبد الرزاق: (لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر) ، ومثله للدارقطني عن عمرو بن العاص رضي الله عنه] .
هذا بيان وقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وتقدم أنها سبعة أوقات، وهذا الوقت من بعد طلوع الفجر حتى صلاة الصبح، ويستثنى من ذلك ركعتان، وما هما الركعتان؟ بينت الرواية الأخرى أنهما سنة الصبح، فإذا طلع الفجر وأذن المؤذن وانتظر الناس الإقامة؛ فما بين الأذان وإقامة الصلاة للصبح لا يجوز التنفل، لكن يجوز ركعتان فقط وهما ركعتا الفجر، أي: سنة الصبح، وما عدا ذلك لا يجوز، اللهم إلا ما جاء في حق من نام عن الصلاة أو نسيها فإنه يصليها حين يذكرها.
وجاء عن كثير من العلماء ومنهم علي رضي الله تعالى عنه أن هذا الوقت يجوز فيه صلاة الوتر لمن نام عن الوتر واستيقظ في ذلك الوقت، ولم يكن قد أوتر، فله أن يوتر بعد طلوع الفجر قبل أن يصلي ركعتي الصبح ثم يصلي سنة الصبح، ثم يصلي الفريضة، فقد جاء عنه أنه خرج يوماً لصلاة الصبح فأراد المؤذن أن يقيم الصلاة، فأشار إليه أن اصبر حتى أوتر.
وجاء عن مالك رحمه الله أنه سئل عن صلاة الوتر في ذلك الوقت، فقال: لا بأس، لكن أكره أن يتعمد ذلك؛ لأن في بعض الروايات: (إذا طلع الفجر فلا وتر) .
وعند الأحناف أن الوتر واجب، وهم يفرقون بين الواجب والفرض، فالفرض ما ثبت بنص قطعي من كتاب أو سنة متواترة، والواجب ما ثبت بغير ذلك، فهم يرون أن الوتر واجب، وأنه يقضى ولو بعد طلوع الشمس، وبعضهم يقول: إلى ما قبل الزوال، أي: لا يترك أبداً؛ لأن صلاة الوتر جاءت فيها نصوص شديدة، مثل حديث: (من لم يوتر فليس منا) ، وحديث: (أوتروا يا أهل القرآن! فمن لم يوتر فليس منا) إلى غير ذلك.
إذاً: هذا الوقت من طلوع الفجر إلى صلاة الصبح لا صلاة نافلة فيه، اللهم إلا قضاء الصلاة الفائتة أو ركعتي الفجر أو الوتر لمن لم يكن أوتر إذا نام عن الوتر واستيقظ في ذلك الوقت.