قوله: (ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط) : وقت صلاة العشاء يبتدئ من غياب الشفق، ولكن الأفضل تأخيرها مثل الظهر في شدة الحر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) .
وأفضل الأعمال بعد الإيمان بالله الصلاة في أول وقتها، كما جاء في السنة إلا الظهر في شدة الحر فإنه يبرد بها، وإلا العشاء فالأفضل في وقتها التأخير، ودليله حديث أنه أخرها ذات ليلة: (أن النبي عليه الصلاة والسلام أخر العشاء يوماً ثم خرج وقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) ، فكان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل بالعشاء، وإذا رآهم تأخروا أخرها، لينتظر المتأخرين ليدركوا الصلاة معه.
إذاً: وقت العشاء يبدأ من ذهاب الشفق الأحمر، ولكن الأفضل تأخيرها كما جاء في الحديث: (إلى نصف الليل الأوسط) .
وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم أخّر العشاء يوماً، وأعتم بها، حتى كانت تخفق رءوسهم من النعاس، ثم خرجوا صلوا معه ولم يتوضئوا كما في حديث ابن عباس، وتقدم إيراده في نواقض الوضوء، في مسألة النوم هل هو ناقض أو مظنة للنقض.
فهم كانوا يجلسون في المسجد بعد المغرب، وينتظرون العشاء، وكان يطول الوقت بهم حتى تخفق رءوسهم من النعاس، وفرق بين النعاس وبين النوم، فخرج عليهم وهم في مجالسهم فقال: (ليس على وجه الأرض غيركم يعبد الله، وإنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) ، فهو عليه الصلاة والسلام أخر العشاء أحياناً لبيان الأفضلية، وهديه عدم التأخير الكثير للعشاء، وهذا هو الحكم العام.