وقد اعتنى الإسلام -كما في كتب الحديث والفقه بل وفي القرآن الكريم- بالمساجد أيما عناية، فقال الله: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة:125] ، وقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ} [النور:36] أي: ترفع حساً ومعنى، وقال صلى الله عليه وسلم: (عرضت علي أعمال أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد) ، وفي الحديث الآخر: (أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد فمرضت، فقال عليه الصلاة والسلام: إذا ماتت فآذنوني، فماتت بالليل فقبروها ليلاً ولم يخبروا رسول الله بها لئلا يزعجوه، فقال: دلوني على قبرها) ، ولماذا قال: دلوني على قبرها؟ لخدمتها لمسجد رسول الله، والإسلام لا ينظر إلى الألوان، ولا إلى الأجناس، ولا إلى الصفات، فهي امرأة ولم تكن رجلاً، وكانت على هذا الوضع، ولكن كرمها الإسلام بخدمتها للمسجد.
ولما رأى عليه الصلاة والسلام النخامة في جدار القبلة حكها برداءه.
إذاً: العناية بالمساجد في الإسلام كبيرة جداً، وقد كثرت في ذلك النصوص.
وأول ما بني مسجد رسول الله قال: (عريش كعريش أخي موسى) ، وكان من جذوع النخل وجريده، وما بني بالحجارة والطين إلا بعد عودته صلى الله عليه وسلم من خيبر؛ لأنه كثر الناس وضاق المسجد على أهله، فوسع فيه للحاجة، وهكذا فعل عمر رضي الله تعالى عنه ومن بعده.