وفي رواية للبخاري: (وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما) .
قوله: (وضرب بكفيه الأرض) هذا متفق عليه في كل الأحاديث، وقوله: (ونفخ فيهما) أي: بعدما يضرب الأرض بيديه يقربهما من فيه وينفخ فيهما، وفي بعض الروايات: (فنفض بعضهما ببعض) ، وهذه النفخة وافق عليها الأئمة الثلاثة، وخالف في ذلك الشافعي؛ لأنه يقول: النفخ يذهب التراب الذي علق باليدين، والآخرون يقولون: إن النفخ ليس قوياً، إنما الغرض منه -سواء النفخ أو ضرب الكفين بعضهما ببعض- أنه قد يعلق بالكفين حصاة أو قذاة أو عود صغير، فلو مسح به وجهه فقد يؤذيه هذا الذي علق باليد، فالنفخ فائدته أنه يذهب هذا الذي علق باليد، إذاً ليس المراد بالنفخ إذهاب ما علق باليدين من تراب إن كان على أرض ترابية، فهذه النفخة يوافق عليها الأئمة الثلاثة رحمهم الله، ويأخذون بها، والشافعي يقول: لا ينفخ؛ لأنه يذهب أثر التراب من يديه.
قال: (ثم مسح بهما وجهه وكفيه) ، إذاً رواية البخاري تقدم الوجه على اليدين، ولهذا ساقها المؤلف ليبين أن الصحيح والراجح هو تقديم الوجه على اليدين، والله تعالى يقول: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] ، فذكر الوجه قبل اليدين، وهذا هو المشهور والمعمول به عند الجميع.