الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف رحمه الله: [وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) متفق عليه، واللفظ لـ مسلم.
وفي رواية للبخاري: (وضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه) .
] .
بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه، في حاجة، ولم أقف على تلك الحاجة، يقول: فأصابتني جنابة وليس عندي ماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، وهذا الفعل منه رضي الله تعالى عنه يعتبر من استعمال القياس، فإن التيمم جاء في الوضوء وجاء أيضاً في الجنابة، وهو لا يعلم الكيفية، فقاس التيمم من الجنابة على الغسل من الجنابة بالماء، والغسل من الجنابة يعمم فيه جميع البدن، بخلاف الوضوء في الحدث الأصغر، فإنه تغسل أعضاء خاصة من البدن، فهو ظن أن التيمم ينبغي أن يعمم جميع البدن كما يعممه الغسل بالماء، ففعل تلك الصورة، فلما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ما وقع منه، فقال له صلى الله عليه وسلم: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا!) ، أي: أن تفعل هكذا، والقول قد يأتي محل الفعل، يقال: قال بيده هكذا وفعل، قال برجله هكذا ودفع الأمر، قال برأسه هكذا، أي: أشار وفعل.
قال: (فضرب بيديه الأرض) ، فيتعين هنا إحداث الضرب، أما أن يمسها أو يجرها على الأرض فليس من صورة التيمم، فعليه أن يضرب بيديه الأرض، واليد تطلق من الكف إلى الذراع إلى الزند إلى المنكب، ولكن الذي يضرب به الأرض إنما هو الكفان.