إباحة الغنائم

قال صلى الله عليه وسلم: (وأحلت لي الغنائم -وفي لفظ: المغانم- ولم تحل لأحد قبلي) .

الغنائم والمغانم: هي ما يناله الجيش المنتصر من ممتلكات الجيش المنهزم، من أموال وحيوانات وسلاح وغيرها، فيقول صلى الله عليه وسلم: أنا أول من أحلت له الغنائم، أما الأمم الماضية فلن تكن حلالاً لهم، والأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم كانوا على قسمين: قسم أمر بالقتال ووعده الله بالنصر: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} [غافر:51] .

وقسم لم يؤمر بقتال فليست عنده مغانم، فالذين أمروا بالقتال وكانوا يغنمون من العدو، كانوا يجمعون المغانم والغنائم في مكان واحد، فإن كان عملهم خالصاً وسلم من الغلول -أي: لا يوجد شخص من الجيش أخفى شيئاً لنفسه- نزلت عليه نار وأحرقته، كما حدث في قضية قابيل وهابيل لما قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، وهو أن نزلت نار فأحرقت القربان الذي قبل عند الله.

فكانت تنزل نار فتحرق تلك الغنائم، ولا يمتلك الجيش المقاتل منها شيئاً، ويُذكر عن نبي من الأنبياء أنه قاتل وجنده فغنموا مغانم ووضعوها، فلم تنزل نار لتحرقها، فقال لرؤساء القوم: فيكم غلول منع من نزول النار لإحراقها، فكان كل واحد يقول: لا يوجد عندنا الغلول، فدعا رؤساء الجند وقال: ليبايعني كل واحد على قومه، فبايعوه، إلا واحد لصقت كفه بكف نبي الله، فقال: في قومك الغلول، ائتني بهم ليبايعوا واحداً واحداً، فجاءوا وبايعوه، فلصقت كف الغال بكف النبي عليه السلام، فقال: أنت عندك الغلول، فأخرج رأس ثور من ذهب وألقاه، فنزلت النار وأحرقته.

فكانت الأمم الماضية والرسل المتقدمون إذا غنموا لا يقتسمون الغنائم، ولكن هذه الأمة أحلت لهم الغنائم، وكلمة (أحلت) تشعر بأنها لم تكن حلالاً من قبل، كما في آية الصيام: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:187] ، وقبل نزول الآية لم يكن الرفث -وهو الجماع- حلالاً.

وبعض العلماء يقول: المراد بالمغانم هنا بعضها وهو الخمس، فيتصرف فيه صلى الله عليه وسلم كيفما شاء، كما جاء في الآية: {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر:7] الآية.

وبعضهم يقول: بل المراد جميع الغنائم، كما جاء في سورة الأنفال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1] ، فما أعطى للآخرين شيئاً وهو الذي يعطي المقاتلين حصتهم، ثم جاء التقسيم: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال:41] ، والأربعة الأخماس تكون للمقاتلين، وهذا مما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015