[وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين ولم أجد ثالثاً، فأتيته بروثة فأخذهما وألقى الروثة، وقال: هذا رجس -أو ركس-) أخرجه البخاري، وزاد أحمد والدارقطني: (ائتني بغيرها) ] .
يأتي المؤلف رحمه الله بحديث ابن مسعود هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الغائط وقضى حاجته، قال: فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فأتيته بحجرين ولم أجد الثالث، فأتيته بروثة؛ والروثة تكون غالباً للحمار أو للبغل أو للفرس، والبعرة تكون للبعير، والخثل يكون للبقر.
وروث ما لا يؤكل لحمه نجس، وفضلات ما يؤكل لحمه طاهر عند كثير من العلماء ما عدا الشافعي.
فهنا ابن مسعود ذهب ليأتي بثلاثة أحجار ما وجد إلا حجرين، فألغى وصف الحجرية وجاء بالروثة اجتهاداً منه بأن يأتي بثلاثة أحجار.
فلما أخذها النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الحجرين ورد الروثة، وقال: (ائتني بغيرها، ثم قال له في سبب ردها: إنها (رجس) بالجيم أو (ركس) بالكاف) .
الرجس والركس هو: النجس؛ فأخذ العلماء بأنه لا يجوز الاستنجاء بشيء نجس؛ لأن النجاسة لا تزال بنجس.
ولذا قال بعض العلماء: لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين، بل طلب الثالث، وقال ابن حزم: لابد من الأحجار الثلاثة لثلاث مسحات.
والله تعالى أعلم.
[وزاد أحمد والدارقطني: (ائتني بغيرها) ] .
يعني: لم يكتف بالحجرين، بل طلب حجراً ثالثاً.
[وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: إنهما لا يطهران) رواه الدارقطني وصححه] .
أما العظم فلأنه أملس، وأما الروث فلأنه نجس، فلا يصح واحد منهما أن يستعمل في الاستنجاء، وهما لا يطهران، وعلى هذا لا يجوز الاستجمار بالعظم ولا بالروث، ويزاد على ذلك أيضاً العلة التي ذكرها العلماء في أنها طعام للجن ودوابهم.
والله تعالى أعلم.