[ (قال: فضالة الغنم؟ قال: هي لك، أو لأخيك، أو للذئب) ] .
ما قال: (فلقطة الغنم) ، بل: (فضالة الغنم) ، إذاً: يقال في الحيوان: ضالة، وفي المال والمتاع: لقطة.
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم بين له مصيرها: (هي لك، أو لأخيك، أو للذئب) قدمه أولاً على غيره؛ لأن يده عليها، (أو لأخيك) ، يعني: غيرك، سواء كان صاحبها الذي ترجع إليه أو ملتقط آخر، فإذا كان ملتقط آخر فأنا أولى بها؛ لأني أنا السابق إليها.
وهذا الأسلوب نفهم منه أننا نأخذها ونعرفها، لأننا إن تركناها تركناها للذئب.
يعني: كأن الذئب له فيها، وهل نرضى أن نترك أموالنا للذئاب؟ لا.
ومما يذكر في السير عام الوفود سنة تسع: مجيء ذئب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو وأصحابه فأخذ يحرك ذنبه إلى أن اقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم، فأومأ بما أومأ به، فقال صلى الله عليه وسلم: (هذا وافد الذئاب إليكم، ماذا تنزلون له من أغنامكم؟ قالوا: والله ما ننزل له بشيء، فقال له: هه هه- يعني: اختلس الذي تقدر عليه-) ، هنا الذئب أيضاً جعل الرسول له حق.
وقالوا: كون الذئب ثالث ثلاثة فالأولى أن يأخذها السابق إليها، ولو كنت أضمن أن أخي سيأخذها قد أتركها له، ولكني لا أضمن؛ لأنها مترددة بين أخي والذئب.
إذاً: آخذها أولى، ويقول مالك: لا ضمان عليه، والجمهور يقولون: إن جاء صاحبها بعد أكلها ضمنها.
ومالك لم لم يضمنه؟ قال: لو أخذها الذئب؛ فلا ضمان عليه وهذا مثله؛ لأن الثلاثة سواء.
والآخرون يقولون: اللام هنا ليست للتمليك، ولكنها أمانة في يده، فإذا أكلها ضمنها، بدلالة: أن صاحبها لو جاء قبل أن يأكلها، ما ملكها الملتقط، لكن على قول مالك: اللام للتمليك، فإذا ذبحها فأكلها فلا غرامة عليه مثل الذئب، وما قول مالك إذا جاء صاحبها قبل أن يذبحها، يدفعها إليه أم يقول له: ما لك شيء عندي؟ قالوا: إذا كان يلزمه أن يدفعها إليه قبل ذبحها، فهي لا زالت في ملك صاحبها.
إذاً: إذا ذبحها ذبحها وهي في ملك صاحبها.
إذاً: رأي الجمهور في هذا أقوى وأسلم، والذئب لا يدخل معنا في التشريع.