يقول المصنف رحمه الله: [وعن ابن عمر وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده) رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم] .
لا يصح لأحد أن يعطي العطية، نحن قلنا: العطية والهدية والهبة والنحلة كلها أسماء لمسمى واحد، ولا يختلف ذلك إلا مع الصدقة؛ لأن الصدقة تعامل مع الله، يرجو فيها ثواب الله، ولهذا يخفيها ولا يريد أن يطلع عليها أحد، بخلاف الهبة فإنه قد يرائي فيها ويظهر المصانعة مع الآخرين.
ولا يحق لإنسان أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، كالحديث الأول ثم قال: (إلا) وهذا نص بالاستثناء، فهو يستثني نصاً صريحاً: (إلا الوالد إذا أعطى ولده له أن يرتجع) ، يرتجع لأي شيء؟ هل يرتجع عن أصل الهدية ويقف عنها ويلغيها، أم يرتجع ليسوي بين هذا الشخص وبين بقية إخوته؟ قول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ بشير: (اتقوا الله وسووا بين أولادكم) يقول العلماء: إما أن يعطي بقية الأولاد كما أعطى هذا الولد، وإن كان لا يوجد عنده ما يكفي لعطاء جميع الأولاد كهذا الولد ارتجع مما أعطاه لهذا الولد وكمل به ما معه ليعم العطاء لجميع الأولاد.
إذاً: الوالد قد يضطر إلى الرجوع فيما أعطى الولد؛ لتتم التسوية في عطاء الأولاد، وماعدا الوالد لا حق له في ذلك حتى الجد والأم ليس لهم الرجوع في العطية.