[وعن رجل من الصحابة رضي الله عنه قال: غدوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: (الناس شركاء في ثلاثة: في الكلأ والماء والنار) رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات] .
(وعن رجل) رجل هذه نكرة، وأي الرجال؟ فإنه كما يقولون: النكرة تعم بالبدل، هذا رجل، هذا رجل، وهكذا تطلق على كل ذكر من بني الإنسان، (رجل من) خصص عموم رجل من بني الإنسان بصحابي بهذا الوصف، فهذا الوصف قيد في النكرة يخصصه عمومها.
بقي من هو من الصحابة؟ لا علينا إذا لم نعرف من هو ولا اسمه؛ لأنه ما دامت ثبتت له الصحبة فهو مأمون ولا نبحث عنه؛ لأن الصحابة ليسوا خاضعين للنقد وللتفتيش وللتجريح والتوثيق؛ فهم موثقون عدول بطبيعة الصحبة.
قال: (غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: الناس) والناس من ناس ينوس إذا تحرك، يشمل كل إنسان، (شركاء في ثلاثة) شركاء بدون تخصيص أو تمييز، وهي: (الماء، والكلأ، والنار) .
يقول بعض العلماء: هذه الثلاث هي أصل قوام الحياة؛ لأن الماء: {وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء:30] ، والكلأ للدواب ورعيها، والإنسان لا يستغني عن بهيمة الأنعام، والنار: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة:73] ، لا تمكن حياة بدون نار، لا نضج طعام ولا حتى صناعة؛ لأن إذابة الحديد وتصنيع المعادن لابد لها من النار.
هذه الأمور الثلاثة هي قوام الحياة، ولكن أي المياه وأي الكلأ وأي النيران التي تكون فيها الشراكة.