قسم الفقهاء الأجير الذي يعمل للغير إلى قسمين: أجير عام لكل الناس، وأجير خاص لهذا الشخص فقط؛ فالأجير العام: هو الذي يعمل لك ولغيرك على عين العمل دون دخل للزمن فيه، مثل الخيّاط تستأجره على خياطة الثوب، والصائغ تستأجره على صياغة الحلي، والنجار تستأجره على عمل الأبواب أو الدواليب، ويعمل لغيرك بجانبك.
والأجير الخاص: هو الذي تستأجره وتملك مدة الإجارة، استأجرته يوماً أو شهراً أو سنة على حسب الاتفاق، فمدته الزمانية ملك لك، إن نومته نام، وإن شغلته اشتغل، تستغل وقته في العقد الذي آجرته عليه.
ثم يفصل الفقهاء أحكام كل نوع من الأجراء، فالأجير العام ضامن، وأول من ضَمَّن الأجراء هو علي رضي الله تعالى عنه، فإذا أعطيته قماشاً ليخيط لك ثياباً فالأصل أن القماش عنده أمانة؛ لأنه أجير يعمل فيه لحسابك، فإن تلف هذا القماش أو ضاع أو انحرق، أو.
إلخ، فعلى حساب من؟! وكانت تضيع السلع على الناس، فـ علي ضمَّنهم ليحافظوا على سلع الناس، ويؤدون الحقوق كما استلموها.
والأجير الخاص ليس بضامن لشيء إلا إذا تعدى؛ لأنه يعمل وأجرتك عليه لجهده اليومي -زمنه- فإن تعدى أو فرط فهو ضامن بتعديه أو تفريطه، لكن إذا تلف على يده شيء بدون قصد فلا ضمان عليه.
مثلاً: وضع الشاي في الكأس وهو حار فانكسر الكأس، هو لا يعلم بأن الحرارة تسبب التمدد، والتمدد الداخلي يسبق التمدد الخارجي، فلا يتجاوبان معاً، فتمدد الداخل يكسر الخارج، وهذه نظرية في الزجاج: إذا كان الزجاج سميكاً -اثنين أو ثلاثة مليمترات- وكان بارداً، وصببت الحار فيه، فإن الحار يسبب تمدداً في الزجاج، فالقسم الداخلي يتمدد بسرعة، لكن الحرارة لم تنفذ إلى القسم الخارجي، فهو بطيء التمدد، ومن هنا يكسر من الداخل ليتيح فرصة التمدد، ومن هنا نجد أن ثلاجة الشاي إذا صببت فيها الحار قل أن تنكسر، لماذا؟ لأن التمدد الذي يحدث في الداخل حالاً يحدث في الخارج؛ لرقة سمك الزجاجة، فهي رقيقة كالورقة، فإذا بدأ التمدد في الداخل تجاوب معه الخارج، فليس هناك مضايقة وليس هناك انكسار.
المهم عندنا: أن الأجير الخاص إذا لم يتعمد إتلاف الشيء فلا ضمان عليه، وهنا وردت في إيجار الأرض فقط، ولكن سيأتي بعد ذلك ما يوحي بعموم الأجير: (ثلاثة أنا خصمهم ... ) .