بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [وعن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجار أحق بصقبه) أخرجه البخاري والحاكم وفيه قصة] والقصة هي: أن أبا رافع قال للمسور بن مخرمة: ألا تأمر هذا -يعني: سعد بن أبي وقاص - أن يشتري مني داري -وهي قرب سعد - فقال سعد: والله! ما أزيدك على أربعة آلاف، وقال أبو رافع: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الجار أحق بصقبه) ما بعتك بأربعة آلاف.
هذا الحديث بقصته في صحيح البخاري، وفي القصة أن عمرو بن الشريد قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فأتى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتى المسور بن مخرمة، فقال أبو رافع للمسور: ألا تكلم هذا -يعني: سعد بن أبي وقاص - أن يشتري بيتي اللذين هما في داره، فقال سعد: والله! لا أشتريهما أبداً، فقال المسور مساعدة لـ أبي رافع: والله! لتشترينهما، فقال: والله! لا أعطيك فيهما إلا أربع مائة -وفي لفظ: أربعة آلاف- وأربعمائة على أنها مثاقيل؛ لأن المثقال يصرف بعشرة دراهم، وأربعمائة في عشرة تكون أربعة آلاف منجمة أو مقطعة - والله لا أشتريهما إلا بأربعمائة منجمة -أي: مقسطة- فقال أبو رافع: وكيف أبيعك إياها وقد منعتها من خمسمائة دينار؟ -يعني: خمسة آلاف درهماً، بمعنى: أن سعداً نقص من قيمتها إما ألف درهم فضة ومائة دينار ذهباً -كيف أبيعك إياها بأربعة آلاف وقد منعتها من خمسة آلاف؟ والله! لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الجار أحق بصقبه) ما بعتك إياها، فباعها عليه بالأربعمائة دينار.
هذا الحديث بنصه في صحيح البخاري على هذا العرض، وهنا دار سعد كما تقول آثار المدينة كانت بالبلاط، والبلاط ما بين المسجد النبوي ومسجد المصلى -مسجد الغمامة-، وكان سعد حريصاً على تلك الدار مع أنه كان له قصر؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث عن الروضة: (ما بين بيتي والمصلى روضة من رياض الجنة) فحمل البعض كلمة: (المصلى) على صلاة العيد، وحملها الجمهور على أن المراد بالمصلى: المكان الذي كان يقوم فيه صلى الله عليه وسلم للصلاة جماعة وهو على ميسرة المنبر، وهذا هو الصحيح؛ لأن الرواية الأخرى في الروضة: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع الجنة) .
إذاً: الروضة مرتبطة بالمنبر وليست مرتبطة بمسجد المصلى الذي هو موضع مصلى العيد الذي هو الآن معروف بمسجد الغمامة.