بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: قال المصنف رحمه الله: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الظهر يركب بنفقته) ] .
يتعلق بالقرض أبواب تجر إلى الربا، فلو كان القرض عيناً؛ كأن تكون اقترضت ألف دينار، أو إردباً من التمر، وتقدم بأنه لا يجوز لك إذا شفعت لإنسان شفاعة فأهدى إليك هدية أن تأخذها؛ لأنك بهذا تكون قد دخلت في باب الربا، وإذا أقرضت إنساناً فأهدى إليك بسبب القرض، فكل قرض جر نفعاً فهو ربا.
ويختلف الفقهاء في جواز القرض في أشياء؛ لأن القرض يكون في معين: موصوف معلوم؛ ليكون عند السداد موضع وفاق، أما إذا كان القرض في شيء غير منضبط، فلا، قالوا: كل ما صح سلماً صح قرضاً، أما الجواهر والأحجار الكريمة فلا يصح السلم فيها؛ لأنه لا يمكن انضباطها، وكذا في الفيروز والياقوت والعقيق والزمرد لو قلت: أسلمت فيما وزنها كذا جرام، فإن شكلها وصفاءها ونعومتها تختلف، ولا يمكن انضباط ذلك، ولهذا قالوا: لا يصح السلم في الأحجار الكريمة، ولا الجواهر النفيسة؛ لأنها لا تنضبط عند التسليم، فكذلك القرض؛ لأنك عند ردها نختلف؛ هل هذا الذي اقترضت أو غيره؟ إذاً: لا يجوز القرض فيها.
والحيوان: هل يجوز القرض فيه أم لا؟ يختلفون: الجمهور على الجواز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (استسلف بكراً ورد خياراً رباعياً) ، قالوا: هذا من حسن الأداء، ونحن هنا في بيع وشراء، وفرق بين البيع والشراء عند مقاطع الحقوق وبين حسن الأداء مكارمة.
الإماء والعبيد هل يصح القرض فيهم؟ قالوا: هذا يرجع إلى حكم القرض، هل هو عقد تمليك على القطع أم مؤقت؟ اقترضت ألف دينار، هذه الألف التي اقترضتها امتلكتها ملكاً قاطعاً تاماً أو معلقاً؟ فمن قال: هو ملك تام مقطوع به؛ فيجوز عنده، ومن قال: هو مؤقت؛ لأنه معلق بالذمة لصاحبه، قال: لا يجوز، وقوم قالوا: يجوز في العبيد ولا يجوز في الإماء؛ لأننا إذا أقرضنا الأمة، وقلنا: هو تمليك، ربما استمتع بها وهي ليست ملكاً له على الحقيقة، لذا قالوا: يجوز قرض الأمة لمن لا يحل له وطؤها، كامرأة لا تطأ؛ أبوها، أخوها، ذو محرم منها؛ لأنه لا يتأتى المحظور.
إذاً: هناك مباحث في القرض للتوسع فيها يرجع إلى كتب الفقه، والله أعلم.