إذاً: مما نهي عنه في المبيع أن تفرق بين الأم وولدها، وهنا يأتي السؤال: وما حكم التفريق بين الولد وأبيه، والأخ وأخيه، والقرابة ذوي الرحم؟ لما كان حديث أبي أيوب بين الأصل والفرع، ويلحق الأب بالأم، أعقبه بحديث علي (أمرني أن أبيع غلامين أخوين ... ) .
إذاً: حديث أبي أيوب مع حديث علي رضي الله تعالى عنهم جميعاً يكملان لنا حلقة كل قرابة في الدرجة الأولى، الولد مع الأبوين، والأخ مع أخيه، والأخت مع أخيها، فهذه الدائرة لا يجوز أن يفرق بينها، إلى متى؟ قالوا: إلى حد البلوغ، وإذا ترك فيما بعد ذلك فهو أولى.
يقول أبو أيوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من فرّق بين الأم وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) ، ففي الدنيا لو فُرّق بين الإنسان ومن يحب أسبوعاً لقلق عليه، وانزعج وتألم وتضجر، فكيف إذا فارقه سنة أو سنتين؟! لربما طار قلبه عليه، فكيف بما لا نهاية له يوم القيامة؟! ونعلم بأن الله سبحانه يجعل قرة أعين الصالحين من عباده أن يلحق بهم من تقر أعينهم بهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:21] ، فقد تكون الذرية ما وصلت إلى درجة الأبوين، ولكن الله -فضلاً منه ورحمة- يرفع درجة الأولاد ليلحقوا بدرجة الآباء إكراماً للأبوين (أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وليس على حساب الوالدين، بل فضلاً من الله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور:21] لم نأخذ من حساب الأبوين، ورفعنا به الأولاد حتى يتساووا، بل الأبوان على ما هما عليه من الدرجة، والأولاد والذرية كانوا بعيدين عنهم، فتفضل الله على الذرية البعيدة فألحقها بالأبوين، فضلاً من عنده؛ لتقر أعينهم بهم، فكيف إذا كان يوم القيامة ويُفرق بينه وبين أولاده؟! الله يجمع بينهم لتقر أعينهم، وهذا يعمل على أن يُفرّق بينهم.
وإذا قدر أن البيع انعقد فهل يتم البيع أو يفسخ؟ يفسخ، على ما جاء في حديث علي: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين) ، وسنأتي إليه إن شاء الله.