هذه الفأرة كيف نتعامل معها خاصة في السائل، لو رأيناها تأكل من الدقيق، أو من الحب، وذهبت فلا شيء في هذا، وإذا شربت من السمن وذهبت فلا شيء في هذا، إنما يهمنا إذا ماتت؛ لأنها بموتها تتنجس، وتنجس ما حولها، فبيّن صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: (ألقوها وما حولها) ، الحولية هذه كم مسافتها وكم قدرها؟ قد يختلف بعض الناس من مسافة سانتيمتر أو نصف سانتيمتر أو عشرة سنتيمتر، وبعضهم يبالغ ويقول عرض الكف، وهذا أظنه كثيراً.
وبعضهم يقول: يرجع الأمر في الحولية إلى نوع جمود السمن، فقد يكون جامداً جداً، وأصبعك لا تدخل فيه، فهذا لا تتعدى النجاسة سانتيمتراً واحداً، وقد يكون جامداً جموداً لم يتم، ولو حرّكته بقوة ربما تحرّك، فهذا يحتاج إلى توسيع ما حولها نوعاً ما.
وفي الحديث الأول: حديث ميمونة: (ألقوها وما حولها وكلوه) ، فهذا حكم وقوع الفأرة في السمن الجامد.
وهل الموضوع يقتصر على السمن؟ وإذا وقعت في العسل؟ وإذا وقعت في الدبس؟ إذا وقعت في شيءٍ آخر، يعادل ذلك كالمربى وسقطت فيه وماتت؛ يكون الحكم واحداً، إن كان العسل جامداً -وأحياناً العسل يجمد- فكما هنا، وإن كان سائلاً مائعاً فالحكم كذلك، وعلى هذا يكون الأصل في هذا الحكم هو: السمن.