قال: (نهى عن ثمن الكلب) هنا لا يوجد بيع ولا شراء، ولكن في بعض صوره، فلم يقل: نهى عن بيع الكلب، نهى عن ثمنه، ولماذا نهى عن ثمن الكلب؟ وهل هو عام في الجنس أو يستثنى منه بعض الأوصاف؟ بعض الناس يقول: استثني من ذلك كلب الصيد؛ لأنه معلم ينتفع به، وما عداه لا منفعة فيه، وهو تابع للقاعدة العامة: ما لا فائدة فيه فليس محلاً للبيع.
وقالوا: العلة في النهي عن ثمن الكلب هو منع بيعه، ولماذا لا يباع؟ لأنه لا فائدة فيه.
فإذا كانت فيه فائدة؟ قالوا: لا اعتبار لهذه الفائدة مع وجود النجاسة؛ لأنه نجس؛ ولكن النجاسة لم يتفقوا عليها؛ فقد قال مالك بطهارة الكلب! فقالوا: الفائدة منه غير مضمونة، لكن أرباب الخبرات سيضمنون الفائدة: ككلب الصيد، وكلب الحراسة، وكلب الماشية، وبعضهم يقول: النهي منصب على ما عدا الثلاثة، فقد ورد في الحديث: (من اقتنى كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط، إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع) استُثني هذا: بأن صاحبه لا ينقص من أجره شيء؛ للحاجة إليه.
فالنهي عن ثمن الكلب قيل: عام في الجنس، وقيل: ما عدا ما فيه منفعة، والنهي، لعدم الانتفاع بالكلب في غير الأصناف الثلاثة التي رخص في اقتنائها.