بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه.
أما بعد: قال المؤلف رحمه الله: [وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه كان يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه) رواه الحاكم مرفوعاً والبيهقي موقوفاً] .
الواقع يا إخوان! أن القضايا المتعلقة بالحجر الأسود كثيرة، ومما يرد فيه من المسائل: من أين أصله؟ وكيف جاء؟ وكم تاريخه في المكان الذي هو فيه؟ وفي أحكامه، وما طرأ عليه في التاريخ من القرامطة وغيرهم، فلو أن إنساناً أفرد الحجر الأسود بمبحث مستقل لوجد مادة واسعة ينهل منها.
وقد أتت آثار وأحاديث في الحجر الأسود ولا نستطيع أن نناقش أسانيدها، ومنها: (بأنه نزل من الجنة) وهذا مما يتفق عليه العلماء، يقولون في أسانيد الأخبار التي جاءت فيه: يقوي بعضها بعضاً، وفي بعض الآثار: (أنه نزل مضيئاً مشعاً) حتى قال بعض العلماء: إن اختلاف حدود الحرم لمكة هو بحسب ما وصل إليه ضوء الحجر أول ما نزل، ولكن التحقيق العلمي: أن حدود الحرم هي كما أوقف جبريل عليه السلام الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام عليها، فإنه وقف معه على أماكن حدود الحرم وعلّم له عليها.
وقيل: إن البيت أول ما بني بنته الملائكة لآدم، لما نزل من السماء؛ لأن في السماء البيت المعمور فجعل الله الكعبة لبني آدم في الأرض مكان البيت المعمور في السماء، ولهذا فهو على سمته عمودياً، فوضع الحجر الأسود في الكعبة، ومر عليه الزمن، ولما جاء الطوفان هدم الجميع، وحفظ الله الحجر الأسود في جبل أبي قيس، حتى جاء إبراهيم وإسماعيل وقاما ببناء ووضع الحجر الأسود في مكانه، ثم جاء القرامطة وأخذوه إلى بلادهم ومكث عندهم فترة ثم ردوه.