قال المؤلف رحمه الله: [ (ويقول بيده اليمنى: يا أيها الناس! السكينة السكينة) ] .
في هذا الدفع إلى المزدلفة كل الناس يدفعون، وكل يريد الإسراع، ومن طبيعة الدفع السرعة، حتى السيارات الآن يزاحم بعضها بعضاً، والمشاة يزاحمون السيارات، فكان يشير بيده اليمنى؛ لأن اليسرى كانت تشنق الزمام للناقة، وإلا لأشار بيديه إلى الجهتين، فكانت يده اليسرى تشنق الزمام للناقة ويده اليمنى تشير إلى الناس وهو يقول: (أيها الناس! السكينة السكينة) يعني: عليكم بالهدوء في السير، يعني: رفقاً بأنفسكم وببعضكم بعضاً.
قال المؤلف رحمه الله: [ (وكلما أتى حبلا ًمن الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد) ] .
(وكلما أتى حبلاً من الجبال) إذا كنت في الصحراء تجد أن من عوامل الرياح أنها تجمع الرمل ويمتد في اتجاهك كأنه حبل متين ممتد على وجه الأرض، وهذا يسمى الحبل، وربما وجدت في بعض النسخ جبلاً، بالجيم والصحيح أنها (حبلاً) أي: حبلاً من الرمل.
(أرخى) أي: أرخى لها الزمام حتى تستطيع بمد عنقها إلى أمامها أن تصعد حبل الرمل، والسير في الرمل متعب؛ لأن الرِجْل تغوص فيه، ولكن المولى سبحانه جعل للناقة قواعد تمشي عليها، وليست مثل الفرس وغيرها التي حافرها يغوص في الرمل، فخفها يجعلها لا تغرز، ومع ذلك أيضاً يشق عليها المشي في الرمل، فلو كان شانقاً لها لصعب عليها أن تصعد الرمل مع الشنق، فكان يرخي لها زمامها لتمد عنقها ويسهل عليها قطع هذا الحبل من الرمل.
قال المؤلف رحمه الله: [ (حتى أتى المزدلفة) ] .
دفع على هذه الصفة وهو يشير: (السكينة السكينة) وكان شانقاً للقصواء، مرخياً إليها عند حبال الرمل حتى أتى المزدلفة.