وطرأ على الناس أيضاً ما أتى به عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال لأهل مكة: (يا أهل مكة! ما لي أرى الناس يأتون شعثاً غبراً وأنتم منعّمون في بيوتكم ولا تهلون إلا في اليوم الثامن، أهلوا بهلال الشهر) فأمر أهل مكة ألا يؤخروا الإهلال إلى يوم التروية، وأن يبادروا بالإهلال من أول يوم في ذي الحجة، فقال بعض الناس: لماذا يا عمر! والرسول لم يأمرهم بذلك؟ قال: لأن الناس كلهم يأتون شعثاً غبراً عليهم آثار السفر وهؤلاء يظلون جالسين في بيوتهم منعمين إلى يوم التروية ثم يلبون، فلابد أن يلبوا من أول يوم من ذي الحجة حتى يشاركوا الناس في أحوال الإحرام والتجرد، والتحمل إلى غير ذلك، وهذا لاشك أنه اجتهاد من عمر رضي الله تعالى عنه، ولنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... ) ويهمنا في ذلك أن الأمر من حيث الإجزاء أو الوجوب أو الندب سواء.