قال رضي الله عنه: (قام صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله وأثنى عليه) لما فتح الله على رسوله مكة، لم يتجبر أو يتكبر، ولم يسلب أو ينهب؛ بل إنه ضرب المثل الأعلى في الإحسان لمن أساء إليه، حينما وقف بباب الكعبة وقال: (يا أهل مكة! ماذا تظنون أني فاعل بكم؟) في هذه الكلمة يعيد عجلة التاريخ السابقة حينما كانوا يؤذونه، ويضعون عليه سلى الجزور وهو ساجد في ظل الكعبة، ويؤذون أصحابه، وها هو اليوم يقول: ماذا تظنون أني فاعل بكم بعد أن قدرت عليكم؟ وحينها تنازلوا عن ذلك الكبرياء والطغيان والإيذاء، ولجئوا إلى صلة الرحم والعطف، فقالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم.
استجداء واستعطافاً بالأخوة آلآن أصبح أخاً كريماً، وبينما عند إيذائهم له لم يكن كريماً؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) .
فقد كانوا في يده، وكان بإمكانه أن يحكم بأخذهم أسارى، ولكن أطلقهم لله وصلة للرحم، ووفاء للموطن، ولأشياء عديدة لا يمكن حصرها في هذا المقام.