العلماء متفقون على أن الطيب ليس ممنوعاً على المحرم لذاته؛ لأن الطيب من حيث هو شيء طيب ومحبب، وقد جاء في الحديث: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) ، لكن يقولون: الطيب يعتبر من الترفيه، والمحرم يجب عليه أن يتجنب المرفهات، وأن يكون أشعث أغبر.
إلخ.
وبعضهم يقول: العلة أن الطيب يثير عند الإنسان الغريزة.
وبعضهم يقول: إنه يوجد داخل الأنف عروق لها صلة بالإثارة، فمنع من الطيب لئلا يكون ذلك مدعاة لإثارته وهو محرم، فإذا كان الطيب ممنوعاً لا لذاته وإنما لأمر آخر سداً للذريعة، فبعضهم قال: هذا من خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم أن يتطيب قبل أن يطوف بالبيت ويبقى الوطء محرماً عليه، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وكان أملككم لإربه) ، أي: أن الطيب لا يثير رسول الله، ولا يتسلط عليه، ولا يتأثر به من تلك الناحية بخلاف غيره.
وقال بعضهم: ليست هناك خصوصية إلا بالنص، وهنا لم يأت نص في ذلك عن عائشة، ولم يقله النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: من عمل بهذا الحديث في هذين الموضعين: عند إرادة الإحرام قبل أن يحرم، ويبقى أثر الطيب ويدوم معه حال إحرامه، وعندما يريد أن يتحلل قبل أن يطوف بالبيت، فمن عمل بالحديث في طرفيه فلا مانع؛ لما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، والمحظور أن يستأنف طيباً بعد أن يحرم.