وهنا يبحث الفقهاء: من هو الصبي الذي له حج؟ قال بعضهم: هو الذي له إدراك، وهو: الذي خوطب بالصلاة، أي: أمر وليه أن يأمره، (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) قالوا: لأن أول سن الإدراك عند الطفل سبع سنوات، ولهذا فالنظم التعليمية الحديثة لا تقبل الطفل في الدراسة قبل سن سبع سنوات؛ لأنه إن قُبل قبل هذه السن فستسبب الدراسة الكد والإكلال لذهنه؛ فيعجز عن التحصيل، والطفل في هذا السن إنما يقبل التلقي عن طريق اللعب والأمور العملية، أما الأمور الذهنية فصعبة عليه.
والذي يظهر أن هذه المرأة لم ترفع طفلاً عمره سبع سنوات على يدها، فإن هذا بعيد، وإنما رفعت طفلاً في محفته، وهذا يدل على أنه طفل صغير.
ساق المؤلف رحمه الله هذا الحديث ليبين أن الحج فرض على المستطيع، وأنه يصح للصغير، لكن هل يصح منه استقلالاً، أم أنه يصح منه بواسطة وليه؟ وكيف يحج الولي بالصبي؟ قالوا: يفعل له ما يفعل لنفسه: يجرده عن المخيط، ويلفه في لفائف، ويجنبه النجاسة، ويلبي له عند الميقات بقوله: لبيك اللهم عن نفسي كذا لبيك اللهم عن طفلي كذا وإذا أحرم له بالعمرة متمتعاً وحج به عليه دم له.
ومن الذي يملك أن يحج بالصبي؟ قالوا: أبوه أو وصيه، وهل يشمل هذا كل وصي؟ وهل المرأة تملك أن تحج عن الصبي؟ وهناك نفقة، فمن الذي يؤدي تلك النفقة؟ قالوا: أبوه، أو وصي أبيه، أو الأم إذا كانت لها وصاية عليه، تنفق من ماله، فإذا لم يكن الشخص وصياً لا يحق له أن ينفق من مال الصبي في حجه؛ لأن هذا الحج لا يجزئ عن حجة الإسلام، فيكون ضياعاً لمال الصبي؛ لأنه سيأتينا: (أيما صبي حج قبل البلوغ، فعليه أن يحج حجة الإسلام إن استطاع) وكذلك المملوك: (أيما عبد حج وهو مملوك فأعتق فعليه حجة الإسلام إن استطاع) .
إذاً: لا يحج بالصبي إلا أبوه؛ لأنه ولي أمره وماله، أو وصي الأب، أو الأم إن كانت لها وصاية؛ وذلك من أجل التصرف في مال الصبي، أما إذا كان متبرعاً من عنده فيحج بالصبي وينفق عليه معه، فجزاه الله خيراً، ولا إشكال في ذلك، والله تعالى أعلم.